٢٢ ديسمبر ٢٠٠٥
اللهم بلَّغت، اللهم فاشهد
١٨ ديسمبر ٢٠٠٥
١٣ ديسمبر ٢٠٠٥
مبروك عليَّ وعلى حواليَّ
كما نود أن ننوَّه بأن الوردة التي اختارها السيد عمور ووضعها على زاوية الصفحة، أسعدتنا جدا لعدة أسباب، أولاً: لكونها مأخوذة من رسومات رواية "الأمير الصغير" للعبقري أنطوان دو سانت إكزوبري والتي يعلم السيد عمور مدي حبنا لها، وثانياً: لأهمية ودلالة تلك الوردة الصغيرة في عالمنا الخاص.
نعتذر عن الطابع الرسمي لهذا الخطاب حيث أن ما غير ذلك من أساليب متاحة للتعبير عن السعادة والحب والامتنان لا يمكن استخدامها هنا لأسباب تقنية بحتة.
١٢ ديسمبر ٢٠٠٥
إلحقيني ياااا ماااااا - أكرم خان أكلنا البالوظة في الأوبرا
أنا قلت طبعا مش ح أفوِته!
وانا قاعدة في الربع ساعة الأولى من العرض باحاول أكتم الضحك وأكدّب نفسي وأفهم أي حاجة من اللي بيحصل ع المسرح إكتشفت اكتشاف بدا لي عبقري في تلك اللحظة: أكيد ربنا لما قعد يفكر في أشد طرق عقاب الإنسان وضع على رأس القائمة "الضحك". ما هو أكيد ربنا كان بيعاقبني على حاجة منيلة عملتها عشان يخليني أضحك كل الضحك الهستيري ده وبالصوت العالي ده، بينما القاعة كلها هُس هُس في لحظة من العرض المفروض انها تكون مؤثرة!
ما حدش يحاول يقنعني إن فيه حاجة في الدنيا محرجة أكتر من إن الواحد يضحك على حاجة المفروض ما تضحكش بينما كل الناس منصتين في خشوع سواء في عزاء أحد الأقارب أو في عرض راقص غير مفهوم. هيَّ لحظة واحدة بس.. لحظة ما تحس بغليان الضحك المكتوم يتصاعد بداخل مَن يجلس بجانبك أو عينك تيجي سريعا في عين حد من اللي - ياعيني زيّك - مبليين بهذا المرض اللعين. ساعتها إبقى قابلني لو عرفت تسيطر على نفسك. هي دي لحظة فقدان السيطرة التام اللي بيتحول فيه جسدك بأكمله إلى قرون استشعار تشم ريحة الضحك من على أي بعد.. حتى لو كان لسه مكتوم جوّه شخص قاعد بعيد عنك. ح تحس بيه وح تنفجر وتفجره معاك.
سيبنا بقى من كل ده ، أتكلم شوية عن العرض اللي مكسر الدنيا في انجلترا وأوربا. كل اللي أقدر أقوله –على رأي رحاب- إنه كان فيه شجرة! فكرني بقصة الإمبراطور اللي مشي في الشارع عريان وفاكر نفسه لابس ملابس جميلة ما يشوفهاش غير الناس الكويسين وطلع في الآخر مضحوك عليه ولا هو لابس حاجة ولا الناس شايفة حاجة وكله بيمثل على كله عشان ميطلعش "وحش".
العرض ممل جدا ومافيهوش أي حاجة جديدة ورتابته وطوله يجيبوا صداع. الراقصين بارعين والإضاءة عبقرية وكل جانب من جوانب العرض حلو جدا لوحده لكن كله على بعضه ما يدخلش ذمتي بنكلة. رقص حديث على عيني وعلى راسي بس يبقى له معنى! بلاش معنى.. يبقى فيه أي حاجة تخليني أستمتع بيه.. مش أسقف عشان الناس بتسقف وخلاص.
وسمعني بصوت نبيلة السيد في خلِّي بالك من زوزو "ع البساطة البساااطة.. يا عيني ع الباااساااطة.. أهْ! أهْ! أهْ!"
٠٩ ديسمبر ٢٠٠٥
الكاتب والمكتوب
خطوات تطبيقية مبسطة للمبتدئين ممن يريدون امتهان الكتابة
هناك بالطبع عدة طرق للكتابة، ولن نتمكن هنا من تغطيتها كلها. لذا فقد تقرر اختيار أحد الأساليب التي أثبتت صلاحيتها وتفكيكها ثم وضعها في خطوات متتالية مع رسم نص اعتباري كمثال يطبق مع كل خطوة كما يلي:
أولاً: الأدوات وخطوات استخدامها:
- افتح صفحة بيضاء نظيفة وامسك بيدك الأضعف – سواء كانت اليمنى أو اليسرى- قلما أزرق. (يفضل أن يكون القلم ذو رأس مدبب رفيع وحاد ولا ينكسر بسهولة)
- بيدك الثانية الأقوى انتشل أي شخص يقف بالقرب منك وابطح رأسه على الصفحة البيضاء بضربة سريعة وبكل ما فيك من عزم. (بهذه الطريقة تكون ضربت عصفورين بحجر: أولا ضمنت غيابه عن الوعي ليَسهُل استخدامه فيما بعد، وثانيا إن كانت الضربة قوية حقا – وهذا شيءٌ يأتي بالممارسة فلا تيأس – سيطبع الرأس شوائبه على الصفحة البيضاء ليضفي لوناً طبيعياً على الخلفية مما يزود النص بفروق تقابلية بين رأس الكاتب ورأس ’المكتوب‘.
تكوين النص ، ببساطة شديدة، يتم عن طريق تجميع عناصر متفرقة وربطها ببعضها البعض. لذا يُنصح – لتسهيل المهمة – بأن يكون مصدر العناصر واحد. فإن أخذنا بالمثال السابق يكون ’المصدر‘ بالطبع هو الشخص الذي أغبناه عن الوعي.
ثالثاً: كيفية إيجاد أو خلق عناصر النص
- المصدر موجود! لكن الرَك بقى على الشطارة في استخراج ما يصلح منه كمادة لنص مبهر. هذا هو الفرق بين الكاتب الحقيقي والكاتب النص لبة.
- بما إن ’المصدر‘ غائب عن الوعي يمكنك أن تشكله كيفما شئت. تبدأ مثلا بخلع جلبابه وعمامته وتأخذ من يده الربابة -ومعها بالطبع الحكايات- ثم تلبسه جينز وكاب وتضع في يده كتاب "Da Vinci Code" أو "Alchemist" شرطاً أن يكون باللغة الإنجليزية.
- هاهي الشخصية تتجسد أمامك وتتضح معالمها. لا تنتظر وتضيع وقتك في تأملها وتقليبها يمينا ويسارا. يجب أن تسرع بإفاقة ’المكتوب‘ لكي تستخلص منه الأحداث! (أنظر رابعاً - شرح استخلاص الأحداث)
- لإفاقة ’المكتوب/المصدر‘ استخدم الأساليب المتعارف عليها كتلطيشه بالأقلام على وشه أو شد أذنه ، لكن الطريقة الأمثل هي دلق جردل ميه ساقعة على دماغه ثم وضعه أمام المرآة ... وسيبه بقى يتخضْ ويهلفط ويطلع الكلاكيع اللي جواه... سيبه يدافع عن جينزه وكابه وباولو كويلهُه ويقول لك بالعربي الفصيح "أنا لست عربياً! أنا مصريييي!"... ولا تجادله. إتركه حتى يأتي ممثل الكومبارس أبو شعر أصفر ليطعنه في ظهره بسكينة تلمة. سجل صوت ال "آآآآآآآآه" التي يطلقها ’المكتوب‘ لكي تستعين بها في لحظات عدم القدرة على الكتابة.
الحدث في الكتابة ’ما بعد الحداثية‘ غير مهم. المهم هو ظهور حروف متشابكة على الصفحة تعطي انطباعاً أن هناك نصا موجودا. لذا فعندما نذكر الحدث في النقاط التالية تذكر أننا نعني به مجرد "حشو كلام".
- اجري بسرعة نحو جثة ’المكتوب/المصدر‘ ولا تنس الورقة والقلم على المكتب! ضع الورقة أسفل جثته واترك دمه يسيل عليها حتى يغرقها تماما بحمرته الداكنة.
- هنا تأتي المهمة الأصعب التي تميز الكاتب العبقري عن غيره. بعد أن تترك الورقة لتجف تماما يجب أن تضعها أمامك وتسترجع جميع الخطوات المذكورة سابقا وتسأل نفسك عن هوية ’المصدر‘ وماهيته ومصداقية الموضوع وجدوى الكتابة. يجب عليك أن تملأ الصفحة بعلامات استفهام تشكل الحدث – أي حشو الكلام – لكي يكتمل ’المكتوب‘. (لا تنس أن تقوم بتشغيل تسجيل "الآآآآآه" التي أطلقها ’المصدر‘ في الخلفية، كنوع من أنواع الموسيقى التصويرية وتحفيزا للإلهام)
لعلك تتساءل الآن: "وكيف تُكتب كل هذه الأسئلة على صفحة حمراء داكنة بقلم أزرق داكن؟". لاهو انت فاكر يا حلو ان القلم اللي حطيناه في إيدك ح تستخدمه في الكتابة؟!
لقد وضعنا القلم في يدك الأضعف ليصبح معك سلاحاً تطعن نفسك به عندما تعجز عن الكتابة.
٠٧ ديسمبر ٢٠٠٥
حازم شاهين - *بيغَني مصر بشوق ونحيب
بقالي أسبوع باحاول أكتب عنه ومش عارفة...
يمكن علشان اللي يتكلم عن حازم لازم يكون بيعرف يتكلم بالمزيكا؟
حازم كمان مش بيتكلم كتير.. لكن أول ما يمسك العود شكله بيتغير.. ماعرفش ازاي. زَي ما يكون وِشّه بيطمئن إنه من اللحظة دي مش مطلوب منه يتكلم.. مش محتاج يدخل في حوارات ويتناقش ويقول رأيه، أو يبتسم وهوَّ قلبه واجعه، أو يرحب بالموجودين.
أنا بس عايزة أقول له – ويا رب أعرف أقول – إن مافيش كلام دلوقتي أحلى من اللي بيقوله وهوَّ بيعزف ويغني يا مصر قومي وشِدي الحيل.
أنا آسفة إني ماعرفتش أحكي عن حازم وعن حكايته مع المزيكا وحكاية المزيكا معاه, يمكن لإن اللي بتقوله المزيكا اللي من القلب مش ممكن يقوله الكلام.
٢٧ نوفمبر ٢٠٠٥
طنط لبيبة.. الحبيبة
كل هذا تغير عندما تعرفت على فاطمة. جاء التعارف سلسا وسريعا. فمنذ أول يوم رأيتها تقف على الرصيف في انتظار الأوتوبيس ذهبت وتحدثت إليها وصرنا أصدقاء. علمت أنها تسكن تحتنا بثلاثة أدوار فصرت أمر عليها كل صباح لننزل سوياً مع أمها لانتظار "الباص".كانت أمها تودعنا بقولها "في حفظ الله يا نور عيني" ومن هنا جاء عشقي لكلمة "نور عيني" وصرت دائما أبتسم عند سماعها.
كانت فاطمة تشاركني سندوتشاتها وبسكوتاتها وعصائرها وكل ما كانت تشتهي نفسي... ولعل أمها لاحظت ذلك فصارت تحضر لي كيسا فيه نفس محتويات كيس ابنتها: 2 سندويتش + بسكوت ويفر محشو بالشوكولاتة - كان يذهب عقلي من جماله + علبة عصير وفي بعض الأحيان ثمرة فاكهة حسب الموسم.
فاطمأنت معدتي وفرح قلبي وظننت أن كل أحلامي قد تحققت وأنه لا سعادة تفوق تلك التي أضفتها طنط لبيبة إلى حياتي بكيس السندوتشات وأجمل ما في اللغة من كلمات حب ودفء.
كل هذا كان مجرد مدخل إلى العالم الوردي الذي وجدت نفسي فيه منذ أن سُمح لي أن أقضي فترة بعد الظهيرة أيضا في أحضان تلك العائلة الخيالية. نعم.. أقول خيالية لأنني حتى الآن لا أستطيع أن أصدق أنها كانت موجودة بالفعل بالرغم من وجود كثير من الصور والذكريات تثبت ذلك.
دعوني أحاول أن أوصف.. ربما استطاعت ذاكرتي أن تستعيد تلك الأيام التي قضيتها في الرسم واللعب والغناء والرقص والتحليق في فضاء جنة الأطفال كما يجب أن تكون.
كانت الحبيبة تفرش لنا الأرض بمشمع قديم وتكسوه بتلال من الأوراق البيضاء وكل أنواع الألوان والفرش والمقصات واللاصق وتتركنا لنفعل ما نشاء لساعات طويلة لم نشعر بمرورها قط. وكنا نخرج من تلك الغرفة ملطخين بالألوان من ساسنا لراسنا فتحملنا كالقطط الصغيرة بأطراف أصابعها لتلقينا في البانيو! في بعض الأحيان كانت تأتي لتعلمنا طريقة جديدة في التلوين أو التشكيل أو صنع حيوانات صغيرة من الورق، وأكثر لعبة بهرتني في تلك الفترة كانت الطباعة بالبطاطس. علمتنا كيف نقطع البطاطساية نصفين ثم ننحتها بسكين بأي شكل لتتكون صورة بارزة ثم نغمسها في الألوان ونطبعها على الورق مثل الأختام. لا أعرف لماذا استهوتني تلك اللعبة.. ربما لأنها كانت أكثرهم "لغوصة" حيث كان ينتهي الأمر بأن أصابعنا هي التي كانت تصبغ بالألوان ونستخدمها في تلطيخ ملابسنا بسعادة شيطانية، أو ربما لأنني أحب رائحة البطاطس النيئة. وجدت في نفسي في تلك الأيام كل المواهب... الرسم والغناء والرقص.. والكلام.
أدركت الآن أن كثير من الأشياء التي أحبها تعلمتها في هذا البيت... أولها مثلا الأفلام الموسيقية الاستعراضية "الميوزيكال" مثل "ماري بوبنز" و"صوت الموسيقى" و"آني" وأفلام الكارتون الكلاسيكية مثل "سيندريلا" والجميلة النائمة" و"سنو وايت والأقزام السبعة"... كنا أنا وفاطمة نحفظ الأغاني عن ظهر قلب ونذهب لنستعرضها على باقي الأطفال في المدرسة. تعلمت في هذا البيت أن الصوت العالي لا يُعَلِم شيئا ولا يربي طفلا وتعلمت أن الأطفال لن يموتوا من الجوع إن حرموا من الغذاء لقلة أدبهم أو رفضهم تناول نوع معين من الخضار وأن الذين يموتون من الجوع فعلا ويمرضون هم أطفال لا يتوفر لهم الطعام... تعلمت أن الابتسامة على وجه الأم لا يجب أن تؤخذ أمرا مسلما به بل هي رفاهية لمن عايشها وهي بالتالي نعمة يجب تقديرها...
افتقدتها كثيرا عندما عزلوا إلى منزل آخر وفقدنا الاتصال لكنني كل يوم أتذكرها وأبتسم عندما أمر بشقتهم أثناء نزولي للذهاب إلى عملي. ومازلت أذكر طريقة الطباعة والتلوين بالبطاطس وأنوي تعليمها لأولادي... لكنني مع الأسف لم أعد أرسم ولا أغني ولا أرقص.. وقلما تكلمت.
٢٤ نوفمبر ٢٠٠٥
٢٣ نوفمبر ٢٠٠٥
٢٠ نوفمبر ٢٠٠٥
مقال لجلال أمين أعجبني جدا
والأمر الثاني، ان هناك نظرية كاملة ومنتشرة أوسع انتشار في مختلف أنحاء العالم حول هذه الأحداث، يرددها السياسيون والكتّاب ووسائل الإعلام، ليل نهار، من دون انقطاع، وتشمل تحديد المتهم وديانته وبواعثه على ارتكاب هذه الجرائم، المتهم هو اسامة بن لادن وأعوانه، ومنظمتهم تسمى «القاعدة» وديانتهم الإسلام وبواعثهم متعددة، منها الانتقام مما يقوم به الغرب، وبالذات الولايات المتحدة، من أعمال عدوانية ضد العرب والمسلمين، خصوصاًَ في العراق وفلسطين. ومنها الحقد والكراهية اللذان يفسران بدورهما بتفسيرات مختلفة، فيشار أحياناً الى أن هناك مبادئ في الدين الإسلامي تحض على الحقد والكراهية، ويشار أحياناً الى حقد الفقراء في بلاد العرب والمسلمين على الأغنياء في بلاد الغرب، وأحياناً الى كراهية الاباحية الجنسية في الغرب، وأحياناً الى كراهية شيء غامض يطلق عليه «نمط الحياة الغربي أو الأميركي»، وأحياناً يشار الى الرغبة في تطبيق الشريعة الإسلامية من دون توضيح أين يراد تطبيقها بالضبط وكيفية تنفيذ ذلك... الخ.
النظرية إذاً جاهزة وكاملة، ولكنها رغم انتشارها الواسع، لم تفلح في اقناعي، ولا زلت أجد صعوبة بالغة في ابتلاعها، بل انني لاحظت على كثيرين من معارفي درجة مماثلة من النفور منها وعدم الاستعداد لتصديقها، وإن لمست هذا النفور وعدم التصديق في الكلام المباشر وجهاً لوجه، أكثر بكثير مما لمسته في الكتابات المنشورة أو في تعليقات التلفزيون أو الراديو. التصديق رسمي وعام، ويقال على الملأ بثقة وحسم، وعدم التصديق خاص وشخصي، ويقال بحذر وتردد، بل وبيأس من أن يقبله الآخرون.
فكرت في أن أجلس وأكتب باختصار كل الأسباب التي تجعلني اشك في النظرية السائدة، ولنسمها «نظرية الإرهاب»، على أمل أن يؤدي وضع هذه الأسباب جنباً الى جنب، الى القاء ضوء أقوى بكثير مما يلقيه كل سبب إذا ذكر على حدة، بل وقد يؤدي ذلك الى تقوية قلوب غير المصدقين، وتدعيم موقفهم، بل ومن يدري قد يؤدي الى توجيه الأذهان في اتجاهات أخرى للبحث عن تفسيرات أخرى لما حدث، مختلفة تماماً عن التفسيرات السائدة وهو يؤدي الى توجيه اصبع الاتهام الى متهمين من نوع مختلف تماماً.
٠٨ نوفمبر ٢٠٠٥
أحلام أفلام
التاريخ يعيد نفسه... واحنا لسه بنآوِح
U.S. Used Chemical Weapons In Iraq
Veteran admits: Bodies melted away before us.
RAI News 24 will broadcast video and photographs taken in the Iraqi city during and after the November 2004 bombardment which prove that the US military, contrary to statements in a December 9 communiqué from the US Department of State, did not use phosphorus to illuminate enemy positions (which would have been legitimate) but instend dropped white phosphorus indiscriminately and in massive quantities on the city's neighborhoods.
In the investigative story, produced by Maurizio Torrealta, dramatic footage is shown revealing the effects of the bombardment on civilians, women and children, some of whom were surprised in their sleep.
The investigation will also broadcast documentary proof of the use in Iraq of a new napalm formula called MK77. The use of the incendiary substance on civilians is forbidden by a 1980 UN treaty. The use of chemical weapons is forbidden by a treaty which the US signed in 1997
Fallujah. La strage nascosta [Fallujah, The Concealed Massacre] will be shown on RAI News tomorrow November 8th at 07:35 (via HOT BIRDTM statellite, Sky Channel 506 and RAI-3), and rebroadcast by HOT BIRDTM satellite and Sky Channel 506 at 17:00 [5 pm] and over the next two days.
Read the complete story here
٣٠ أكتوبر ٢٠٠٥
خالي من الكولسترول ... مليء بالنوايا الحسنة
.
مع الأسف الرأسمالية نجحت في أخطر مهماتها: أن تحولنا إلى وحوش استهلاك منومين مغنطيسيا نشتري ونشتري ونشتري من غير ما نعرف بنشتري إيه وبنشتري ليه.
.
الفيلم خالي من الإسفاف والحمد لله ما حسيتش ان حد بيحاول يضحكني بالعافية (وده إحساس بيجيلي من معظم أفلام الكوميدي المصرية) والموسيقى اللي وضعها مودي الإمام أعطت للفيلم نكهة مميزة.
.
النقطة السوداء الوحيدة في الفيلم هي إلهام شاهين مع إنها برضه أدت الدور أحسن من معظم أدوارها الأخرى.
.
الفيلم لم ينجح جماهيريا...
٢٤ أكتوبر ٢٠٠٥
الشمس في المعلقة
بوسة فوق خدك يا بهاء... وتعظيم سلام يا أمين.
إصحى بقى يا عمرو :)
العنوان من قصيدة الساقية لأمين حداد
٢٣ أكتوبر ٢٠٠٥
لما حاولت أفكر في أحداث الإسكندرية
١٦ أكتوبر ٢٠٠٥
تميم البرغوثي
بعد أن قرأ له لأول مرة كتب بهاء جاهين هذه القصيدة وأهداها لتميم البرغوثي في ديوان "الارتفاع المسموح متر":
وإذا استمر الأمر أمريكي
والعصر تمليكي
والضرب تحت الخصر روتيني
وإذا استمر الموت فلسطيني
والانسحاب للقبر تكتيكي
وإذا استمر الوضع سريالي
وحبيبتي رسمة لسالفادور دالي
وبلادي برضه بريشته وعيالي
وبادور في ترس الساعة بخيالي
والتكتكات كرابيج لتعذيبي
وابويا وامي فن تكعيبي
رَسَمه بيكاسو بسن سكينة
وإذا استمر القصف تهنينة
والرصف فوق جثث الجُمال فينا
والحب تهريبي
وعدد ضحايا الحب تقريبي
وإذا استمر البحر كاريبي
والبخر تخريبي
والريح إذا عصفت ترسِّينا
لابد من إبحار ومن مينا
قدر السفينة هلاك رومانتيكي
***
النهر نازل من مضيق جبلي
نازل يقول "استر على حَبَلي
شلال وحامل في السما الزرقا
والبلاعات تضحك على هبلي"
ودفوف عجيبة تدق تحييني
وتميم مريد برغوثي يشجيني
محلا الفتى المصري الفلسطيني
وإذا استمر العالم الفاشي
بجزمة ميري ع القلوب ماشي
العشب أصغر زهرة فيه أقوى
من الجيوش.. وان مت إنعاشي
أشم زهرة صغننة حلوة
وتميم يقول لي قصيدة ع الماشي
أنا أدعو كل من يحتاج لإنعاش أن يأتي ليستمع إلى تميم البرغوثي يلقي شعره في مسرح الجنينة يوم الأربعاء. أنا ح أحطلكم مقتطفات من شعره بعد شويه... لكن مهما أعجبتم بها لن تتخيلوا مدى جمالها عندما يلقيها هو. أنا شخصيا عمري ما استمتعت بإلقاء زي إلقاء تميم. ستصاحب تميم البرغوثي بالغناء المطربة الفلسطينية عبير صنصور.
١٢ أكتوبر ٢٠٠٥
إلى أسفل
- كوبري الجلاء
تنعطف بنا السيارة إلى اليسار بعد كوبري الجلاء فنجد أنفسنا في حارة ضيقة من حواري القدس. تدل البيوت على جانبي الحارة الترابية على فقر أهلها، وعلى الأرض نرى نساءً وأطفالاً معظمهم بنات والجميع مكبلو الأيدي. بعض البنات بُتِرت أرجلهن ووُضعت بجانبهن وهي مازالت تنزف. الجنود في وضع استعداد والبنادق مصوبة على وجوه المحاصرين. لا أحد يبكي أو يستغيث أو ينطق بكلمة.
من خلف زجاج السيارة وشبورة الدخان رأيت رجلاً ممسكا بساقي ابنته... ينفجر صارخا كسَهْم في قلب الصمت:
- حرام عليكم! كفاية بقى!!!
تعبُرُه السيارة وبمجرد أن تركناه وراءنا.. انطلقت أول رصاصة. خطفت نظرة سريعة إلى الوراء لأجد الرجل ممدداً على الأرض حاضناً ساقي ابنته وقد امتزجت دماؤها بدمائه.
هنا انطلقت السيارة بسرعة وخلفنا قافلة من الدبابات ...
في حوش منزل واسع نجلس مع نساء أخريات ويحاصرنا الصمت من كل الجوانب.
تصرخ واحدة:
- حرام عليكم! كفاية بقى!!!
تكممها أخرى بيدها.
ويصعد اللبلاب من عمق روحي ويلتف حول قلبي العاري... يحكم قبضته عليه ... يجذبني معه في بطء وثبات وقوة إلى أسفل...
١١ أكتوبر ٢٠٠٥
وداد
بمجرد أن رأيت العلبة القطيفة الحمراء في يدها بدأت دقات قلبي تتسارع. لم أكن قد رأيت هذه العلبة من قبل و لا الخاتم الذي كان بداخلها والذي نقشت عليه الحروف الأولى لاسم جدتي التي ماتت قبل ولادتي بشهور. بدأت الدموع تتصاعد من داخلي في بطء يسمح لي بتوقع انهمارها.
كل ذلك حدث قبل أن تنطق السيدة بكلمة واحدة. لم تكن قد شرحت لي بعد أن هذا الخاتم كان لجدتي وأنها قد أعطته لها منذ زمن بعيد. ولم تكن قد أضافت بحنو قاتل و عيناها تبرقان بدموع متكبرة أنها تريد أن تمنحني هذا الخاتم بمناسبة بلوغها السبعين وأنها ترى أنني الأحق بالاحتفاظ به.
لأول مرة في حياتي أعرف المعنى الحقيقي لاختلاط دموع الفرحة بالحزن، كأنما اشتعلت كل أحاسيسي و انصهرت و امتزجت بفعل حرارة هذه اللحظة. لحظة تجسد فيها الماضي والحاضر في روح واحدة، و اختلط وجه تلك المرأة العجوز الجميلة بوجه جدتي الذي طالما رأيته في الصور يحدق في كأنما يعرفني ولا يعرفني.
تذكرت حوار دار بيني وبين حبيبي حين سألته ذات يوم محاولة أن أقطع الشك باليقين:
هكذا الحقيقة دائما... مثل الماء الذي يُسكب فوق نيران الأحلام فيطفئها.
كل لحظة تحمل ماضيها فيها وكل شيء فان… و من السذاجة أن أعتقد أن جدتي الأسطورية الجميلة، التي حفظت قصة حياتها عن ظهر قلب دون أن أعرف عنها في الحقيقة شيئا، كانت حاضرة بشكل ما في هذه اللحظة التي رأيت فيها الخاتم...
فلماذا بكيت؟
-----------------------------------
إهداء إلى وداد متري
2001
*أول محاولة باللغة العربية
٢٧ سبتمبر ٢٠٠٥
مختارات من مربعات ابن عروس من الشعر الشعبي
خلق مسلمين ونصارى
وناس نامت على فَرش وِكْناس
وناس ع المعايش حيارى
طبيب الجرايح قوم اِلحق
وهات لي الدوا اللي يوافق
فيه ناس كتير بتعرف الحق
ولاجل الضرورة توافق
فَرَطت قِلعِي ما جانيش ريح
وعاودت ع البَر ناوي
ياما ناس زيِّنا مجاريح
لكين صابرة ع البلاوي
سكت الهَوى والناموس طار
والسبع طاطا بعينه
خليه دا النومِ أستار *
لما الكلب ياخد يومينه
شوف الزمان انتهت عَدَليه
وادي البُطْل ع الحق راكِب
جه السبع يُطلُب عدليه
لَقَي الهِلف ع التخت راكب
يا قلبي إوعى تعاشر الدُون
ولا تكلِّمُه بالاشتراحة
تكلمه الكلامِ موزون
تلقاه يرد بقباحة
جاني طبيبي مع العصر
وف إيده ماسك عصاية
اتاري طبيبي قليل أصل
من خصمي جابلي الوصاية
كلام الغَرَابا حِمِلناه
فات علينا كما ريح هاوي
كلام القرابا إخ منَّاه
وياجي فوق فرش الكلاوي
إوعى تقول للندل يا عم
ولوكان على السرج راكب
ولا حد خالي من الهم
حتى قلوع المراكب
ولابد من يوم محتوم
تترد فيه المظالم
أبيض على كل مظلوم
أسوَد على كل ظالم
غربي بلدنا بلد سيح
وادي الهِلف ماشي ورانا
مش عيب كراسي التماسيح
تقعد عليها "الوِرانا"؟*
أستار: ستائر
الورانا: جمع "ورل" – حيوان صحراوي يشبه التمساح
٢٠ سبتمبر ٢٠٠٥
حالة!!
١٨ سبتمبر ٢٠٠٥
أحمد حداد في الجنينة
فايقة لكن سكرانة
بتقول حكايات وتصهلل
تشرب ينسون وتجلجل
في ممر الشاي الهندي
كام جزمة وكام عكاز
كام طفلة وشيخ وأفندي
وبنات على وش جواز
وبنات على وش بزاز
بتأني شديد باصين
على فساتين الفتارين
دوٌرت عليه مالقيته
وقابلته في شارع عدلي
فتح الجرنال و قعدلي
وعزمت عليه بسجارة
زحزح طرف النضٌارة
قال لي تشكر وأشوفك
ع الساعة اتناشر عندي
في ممر الشاي الهندي
أحمد حداد واحد من أبرز شعراء العامية الشبان و له ديوان بعنوان "الورد اللي بيطلع" و ديوانان تحت الطبع.
يشارك في الإلقاء الشعري آية محمود حميدة و عمر جاهين.
الأغاني التي تضمها الأمسية من ألحان و غناء الفنان محمد عزت بمصاحبة فرقة البنادرة التي اشتهرت بتقديم أغاني الفولكلور وأغان عديدة أخرى لأهم شعراء العامية المصرية.
الأمسية من اخراج رشدي الشامي.
١٥ سبتمبر ٢٠٠٥
عبد الحق ينتقل إلى الشارع السياسي
بالرغم من أنه كان مآنسني ومنورني هنا :) .. قرر عبد الحق أن يشارك عمرو الكتابة في مدونة الشارع السياسي ليكون لديه المساحة لعرض أفكاره بوضوح. وقد سمح لي مشكوراً أن أضع مقدمة موضوعه القادم هنا لكي لا نفقد خيط النقاش. ويمكنكم متابعة كتاباته فيما بعد في الشارع السياسي.
يقول عبد الحق:
أشعر هذه المرة أن مهمتي ليست سهلة.
مطلوب مني أن أرد على محاور يقول:
"عايز تبقى الإدانة للفعل بغض النظر عن مرتكبه، مش مجرد تغذية لمشاعر الشوفينية والكسل الأخلاقي أو إننا نقعد مرتاحين نمدح أنفسنا وماضينا وتاريخنا ونشيطن اللي مختلفين معاه: هو الشيطان الأكبر نبقى أحنا الملايكة".ومحاور آخر يشير إلى ما جاء في كلامي حين قلت: "إحنا عمرنا ما قلنا، على الأقل في التاريخ الحديث، إننا العنصر المتفوق. عمرنا ما قلنا "العرب فوق الجميع" ، ولا إننا "شعب الله المختار".
ثم يضيف معلّقًا على كلامي:
"لو كنت تقصد بـ "إحنا" العرب والمسلين في مجمل تاريخهم، فأنا أسجل اعتراضي الشديد على الكلام ده".ثم يعود المحاور نفسه ليقول في مداخلة أخرى:
"تاريخنا كعرب ومسلمين مليان بالدماء (أو على الأقل أنا مؤمن بكده) زي كل الأمبراطوريات الكبيرة، من أول عهود دخول المسلمين الأوائل للبلاد فيما نسميه فتح ويسميه الأخرون غزوا".محاور ثالث يقول:
"استمرارنا في النظر للصراع مع الغرب (ومع الأقليات أو الأكثريات بين ظهرانينا) بصفتنا عربا ومسلمين لم ولن يؤدي بنا سنتيمترا واحدا للأمام. لابد من نظرة عالمية جديدة ومن الإيمان بمنطق الاستضعاف الذي دفع محمد علي للرضوخ إلى مطالب عصابة من 4 أو 5 دول.. وكان يمكن في هذه الحالة أن نفوق اليابان اليوم".وقد أغرتني هذه الأفكار التي طرحها المحاور الثالث بأن أسعى لأعرف المزيد عن رؤيته وتصوراته، فوجدته يقول في مدونة له:
"العالم الثالث تتقدمه مصر مقبل على كوارث سوداء والأمل الوحيد هو نظرة عطف إنساني من العالم الأول".هناك، دون شك، قدر من التباين والاختلاف بين رؤى المحاورين الثلاثة.
ومع ذلك، يظل هناك أيضا، في اعتقادي، خيط مشترك واضح يسري في أفكارهم جميعا.
ما هذا الخيط المشترك؟
هذا الخيط المشترك هو غياب الحس التاريخي.
المحاور الأول يقول "عايز تبقى الإدانة للفعل بغض النظر عن مرتكبه". وواضح أنه يريد أن يُجرد الفعل تماما من أي سياق زمني أو مكاني، لا يُهمه أن يكون الفعل قد أُرتكب من عشرة قرون أو قرنين أو أُرتكب في الوقت الحاضر، كما يريد أن يجرده من القيم والأعراف والتقاليد السائدة وقت ارتكابه، بل وأكثر من ذلك يريد أن يُجرد الفعل من ملابساته ودوافعه. هل الذي قَتَل، مثلا، قَتَل مع سبق الإصرار والترصد؟ هل هو شجار أفضى إلى قَتْل؟ هل كان القتل دفاعا عن النفس؟ هل هناك ظروف تستدعي تخفيف العقوبة؟ وهذا في القانون والقضاء، فما بالك بالتاريخ الأشد تعقيدا والممتد قرونا طويلة؟ لكن محاورنا لا يأبه بالتاريخ ولا بالظروف التي أحاطت بـ"الفعل"، بل يُريد أن يُدينه "بغض النظر عن مُرتكبه".
المحاور الثاني يُلخص تاريخ العرب والمسلمين على مدى أربعة عشر قرنا كاملة في جملة واحدة: "تاريخنا كعرب ومسلمين مليان بالدماء.." هكذا دون أي اعتبار للمراحل الزمنية التي جرت فيها أحداث ذلك التاريخ، دون أي تصور واضح لصورة العالم الذي جرت فيه تلك الأحداث، ودون أي مقارنة – على الأقل – بين ’الإمبراطورية العربية’ والإمبراطوريتين الرومانية والفارسية اللتين سبقتاها في المنطقة، وبإهدار كامل لأي إنجازات أو لأي إسهام حضاري قدمه العرب والمسلمون. "تاريخنا كعرب ومسلمين مليان بالدماء"، وانتهى الأمر وكان الله يحب المحسنين.
المحاور الثالث يقول صراحة: "استمرارنا في النظر للصراع مع الغرب (ومع الأقليات أو الأكثريات بين ظهرانينا) بصفتنا عرب ومسلمين لم ولن يؤدي بنا سنتيمترا واحدا للأمام". طيب. كيف نستمر؟ وبأي صفة؟ هل لنا صفة أخرى غير أننا عرب تؤمن غالبيتنا بالإسلام؟ (يجب أن يكون واضحا منذ البداية أنني حين أتحدث عن العرب لا أفرق بين عربي مسلم وعربي مسيحي وأنني مدرك تماما لقيمة وأهمية إسهام المسيحيين العرب كجزء لا يتجزأ من النسيج العربي). أعود لأسأل: هل المطلوب منا – هنا والآن – أن نقطع جذورنا تماما، أن نلغي التاريخ والجغرافيا؟ أن نبدأ صفحة جديدة تماما، نتبرأ فيها من كل تاريخنا وماضينا؟ هل هذا ممكن؟ هل حدث في أي مكان آخر؟
ماذا يتبقى لنا إذا ما انحلت عُرى النسيج الضامّ الذي يجمعنا، هل نتحول إلى جزر منعزلة وذرات متصادمة هائمة في الهواء؟
أعرف أن معتقدات الشعوب ورؤيتها للعالم تتغير. ولكن هذا التغير - الذي يستغرق بالضرورة مدة زمنية قد تَطُول أو تَقْصُر – يجب أن يبدأ من نقطة معينة، يجب أن يبدأ من بُقعة محدودة في العالم (جغرافيا) ومن تاريخ محدد. لا فكاك من الجغرافيا والتاريخ، ولا وجود لصفحات بيضاء في تاريخ الشعوب.
أعرف أن واقعنا العربي الراهن فيه الكثير مما يدعو إلى الإحباط والغضب. ولكن علينا – إذا كنا جادين في محاولة تغييره إلى الأحسن – أن نبدأ منه كما هو. أن نبدأ من أهلنا وناسنا كما هم. بدون استعلاء عليهم أو هروب إلى مسارات وسراديب وهمية مقطوعة الصلة بالواقع.
هل نريد إبداع رؤية جديدة أو نظرة جديدة؟ ليس هناك إبداع بدون جذور.. ليس هناك إبداع بدون "نحن" تكون هي المنبع والمصب. المفكر حين يُبدع يستجيب لاحتياج معين يطرحه عليه مجتمعه وعصره ثم يعود بإبداعه إلى الـ "نحن". الشاعر حين يبدع قصيدة لا يكتمل إبداعه إلا بالعودة إلى الـ "نحن". المخترع.. العالم.. الفنان .. كلهم منطلقهم ومرجعيتهم هي الـ "نحن". (للدكتور «مصطفى سويف» دراسة قيّمة حول هذا الموضوع بعنوان "الأسس النفسية للإبداع الفني").
لكنني، بعد هذا كله لا أُريد أن أظلم محاوريّ الثلاثة، فغياب ما أسميته بـ "الحس التاريخي" ظاهرة عامة يشكو منها المؤرخون الآن، لا في بلادنا فحسب، بل في "العالم المتقدم" أيضا. وهكذا نجد، على سبيل المثال، مؤرخا كبيرا مثل «إريك هوبسباوم»، يقول في مستهل كتابه عن تاريخ القرن العشرين: "إن تدمير الماضي، أو بالأحرى الميكانيزمات الاجتماعية التي تربط التجربة المعاصرة بتجربة الأجيال السابقة، هو ظاهرة من أهم الظواهر المميزة والغريبة في أواخر القرن العشرين، فمعظم الشبان والشابات في نهاية القرن درجوا على العيش في نوع من الحاضر الدائم يفتقر إلى أي صلة بالماضي العام للعصر الذي يعيشون فيه".
لا أريد أن أظلمهم أيضا لأنني أعلم أن الواقع الذي نعيشه لا يغري كثيرا بالعودة إلى التاريخ، ولأنني أدرك أننا نعيش في عصر "الصورة" التي تُبهر أنظارنا بالحدث الراهن وتُغذي فينا الوهم بـ "الحاضر الدائم"، وأدرك فوق ذلك أن الكتب باهظة الثمن بعيدة عن متناولنا، وربما كانت بسبيلها إلى أن تصبح "موضة قديمة" وظاهرة منقرضة.
أقول مرة أخرى إن مهمتي صعبة.
ولكنني أُقدم عليها مؤمنا بجدواها، ساعيا قدر طاقتي إلى إقناع محاوريّ الثلاثة، مُسلما بأهمية ما يقولونه وأهمية الرد عليه. لا تُراودني أدنى رغبة في الظَفَر الرخيص أو فرض الرأي، فنحن نتحاور والحوار أخذٌ ورد. ولست أنكر عليهم فضلهم في دفعي إلى إمعان الفِكر ومُراجعة الرأي وصقل التصورات.
وأود أن أوضح من البداية أنني لا استهدف بمناقشتي أشخاصا معينين. وقد عمدت إلى عدم الإشارة إلى عناوين مدونات محاوريّ الثلاثة حرصا على ألا تتخذ المناقشة طابعا شخصيا، وألا يُشتمَّ منها أي انتقاد أو تجريح شخصي.
كل ما أرجوه الآن هو أن يستقبلوا كلامي برحابة صدر وأن يجد الجهد الذي بذلته صدى عندهم، وأن ينتظروني حتى أُتم حديثي الطويل جدا هذه المرة - فأنا مُطالب بالنظر في أربعة عشر قرنا من الزمان – ليطرحوا بعد ذلك كل ما يعن لهم من أسئلة واعتراضات، حتى لا تتشتت المناقشة ويضيع خيط الحوار، وأنا عندئذ تحت الأمر ورهن الإشارة.
لا أرتاب في نوايا أحد ولا أُفتش في الضمائر. فالناس عندي – كما كانوا عند شاعرنا الكبير «فؤاد حداد» "اثنان: الصادقون والمشتاقون إلى الصدق، الطيبون والمتلهفون إلى الطيب".
أرجو أن أكون عند حُسن الظن.
والحديث متصــــل ..
٢٩ أغسطس ٢٠٠٥
من "يُشيطن" من؟
نظرا لأهمية النقاش الدائر حول موضوعي السابق قررت نشر آخر تعليق للأستاذ عبد الحق مستقلا هنا لعموم الفائدة. أتمنى أن تجدوه مثلي مفيداً ومثمراً وأن يستمر هذا الحوار البناء.
يقول عبد الحق:
لنتفق أولاً على مبدأ هو: أن ننظر إلى أي ظاهرة اجتماعية أو سياسية أو إيديولوجية في إطارها التاريخي... مفيش ظاهرة اجتماعية أو فكرية يمكن أن تُدرس أو يُحكم عليها بمعزل عن العصر اللي ظهرت وتطورت فيه، ومفيش مُفكر يقدر يتحرر من عصره، يمكن يتمرد على حاجات موجودة في عصره... بس في الحالة دي بيكون بيعبر عن مطلب اجتماعي موجود في ذلك العصر... بتكون الظروف نضجت لإحداث تغيير أو بتكون هناك إرهاصات (بدايات أولى متواضعة) لهذا التغيير. من غير كده حيكون تمرده تمرد عاجز ويفضل حبر على ورق، أو صرخة في وادٍ كما يقول العرب، ويقول له التاريخ (أو "دهاء التاريخ" بتعبير الفيلسوف الألماني «هيجل»): " لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تُنادي". والتاريخ حافل بالأمثلة. بالاختصار الإنسان مش ممكن يتحرر من التاريخ.
يعني زي ما قلت للأخ «محمد» (وبالمناسبة أنا لا أقصد مهاجمته أو تجريحه، كل ما أقصده هو أن أضع أمامه وجهة نظر مختلفة وأستدعي نظره لأمور ربما لم يأخذها في اعتباره. محدش بيحتكر الحقيقة. ومفيش "حقيقة مطلقة" في الفكر البشري)، أرجع تاني وأقول للأخ «محمد» والأخ «لون وولف» (الذئب المستوحش آنس الله وحدته) إني مقدرش مثلاً أهاجم «أفلاطون» لأنه لم ينتقد نظام العبودية، بل أَخَذَه كحقيقة مسلمة في "جمهوريته"، مقدرش أقول عليه رجعي، لازم أبُص له في ظروفه وهل كانت هذه الظروف تسمح بتجاوز نظام العبودية أم لا. أنا أتفق مع «ماركس» في قوله إن مفيش نظام اجتماعي بيختفي غير بعد ما يكون استنفد كل أغراضه وأعطى كل ما عنده (دي قضية فرعية ولكنها مهمة جداً في اعتقادي). عندئذ تنشأ الحاجة للتغيير وترتفع الأصوات مطالبة به ويصبح المفكر قادراً على تحريك الناس. (اقرأ مثلاً عن تاريخ فرنسا قبل الثورة الفرنسية عام 1789 أو تأمل الحياة السياسية والفكرية في مصر قبل ثورة 23 يوليو 1952)
هل اتفقنا على ضرورة النظر لكل ظاهرة سياسية أو اجتماعية أو فكرية في إطار عصرها وظروفها؟ أعتقد إن ده أصبح شيء بديهي في عصرنا الحاضر. ولكن للأسف ناس كتير بينسوه إما عن سذاجة أو قلة خبرة وإما عن غرض، والغرض مرض كما يقول المثل.
في ضوء هذا الكلام أنا لا أستطيع أن أقبل موقف الذين ينتقدون موقف القرآن والسنة من قضية المرأة مثلاً. لماذا؟ لأن هؤلاء لا يعرفون، أو يتناسون عن قصد، العالم كله كان شكله إيه في الوقت ده. هؤلاء يتناسون أن القانون الروماني ظل لفترة طويلة جدا يعطى للرجل حق الحياة والموت على زوجته وأولاده. يعني الراجل لو قتل مراته أو ابنه أو بنته محدش له حاجة عنده. ده حقه القانوني. العرب قبل الإسلام كانوا بيدفنوا بناتهم أحياء. الهندوس كان عندهم الزوجة بتتحرق حيه عند موت الزوج.. وده تقليد استمر عندهم لغاية وقت قريّب. وممكن أسرد لكم أمثلة أخرى كثيرة عن وضع المرأة في الحضارات القديمة ولدى الشعوب في العصور السابقة.
حد ممكن يقول: طيب والحقوق السياسية للمرأة؟ والرد بسيط: موقف المجتمعات المسلمة من هذه القضية، وخصوصاً في عصر ازدهار الحضارة الإسلامية، كان يمكن أحسن من موقف كل المجتمعات المعاصرة (أي معاصرة لتلك المجتمعات المسلمة، عشان «محمد» ميقوليش الضمير بيعود على مين). يعني الإسلام أعطى للمرأة الحق في أن تكون لها ذمة مالية مستقلة عن الأب أو الزوج، وده مش مجرد حق اقتصادي، ده حق سياسي بالتأكيد. ليه؟ لأن ده معناه اعتراف بالمرأة كشخصية قانونية مستقلة. إعتراف بالمرأة ككائن بشري له كيانه المستقل عن الرجل. وبعض الفقهاء أعطى للمرأة حق ولاية القضاء.. وده بالتأكيد حق سياسي..
حيرد علي واحد ويقول بس القرآن بيقول "الرجال قوامون على النساء". أي نعم: الرجال قوامون على النساء. لكن هل ده معناه إن الرجل أفضل من المرأة؟ لازم نفهم أولاً معنى كلمة "قوامون". نرجع إلى لسان العرب، قال "وقد يجيء القيام بمعنى المحافظة والإصلاح، ومنه قوله تعالى "الرجال قوامون على النساء" وليس يراد ها هنا .. القيام الذي هو المثول والتنصب وضد القعود، إنما هو من قولهم قمت بأمرك، فكأنه يعني، والله أعلم، الرجال متكفلون بأمور النساء معنيون بشؤونهم" (لسان العرب، طبعة دار المعارف، المجلد الخامس، الصفحتان 3781 و3785). المعنى إذن هو أن من واجب الرجل المحافظة على المرأة والعناية بشؤونها. طيب ده وحش في إيه؟ ممكن نجد تفسير آخر يقول أن "قوامون" جاية من القيام أي التهيؤ للدفاع وخوض الحرب، فكلمة "قوم" معناها في العربية، أو على الأقل لدى معظم علماء اللغة، الجماعة من الرجال دون النساء لأن الرجال هم الذين "يقومون" للحرب. نرجع تاني للسان العرب: "وقيل (أي القوم) للرجال خاصة دون النساء، ويقوي ذلك قوله تعالى ’لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن‘. فلو كانت النساء من القوم لم يقل ولا نساء من نساء، وكذلك قول «زهير» (الشاعر زهير ابن أبي سلمى):
"ما أدري وسوف إخال أدري
أقومٌ آل حصنٍ أم نساءُ؟"
(لسان العرب، المجلد نفسه ص 3786)
طبعاً صديقي العزيز «محمد» ممكن يقوللي دلوقتي: اظبط! شايف «زهير بن أبي سلمى» بتاعك ده بيحتقر المرأة ازاي؟ وحقول له معلش يا عزيزي ده شاعر جاهلي نسيبه على قد عقله .. العصر بتاعه كان كده، والدنيا كلها كانت كده على أيامه، والاتجاه ده – أقصد استعلاء الذكر على الأنثى – موجود لحد النهارده – على الأقل على المستوى الشعبي – حتى في المجتمعات الأمريكية والأوروبية "المتقدمة" ولغاية دلوقتي الحركات النسائية أو الأنثوية feminist بتشتكي من استمرار سيطرة الذكور وقيم النظام البطريركي – يعني سيطرة الأب – في البلاد الرأسمالية الغربية.
نرجع لموضوعنا، ونقول إننا لو أخذنا بالتفسير الأخير لمعنى كلمة "قوامون"، حنلاقي إن المعنى هو إن من واجب الرجال الدفاع عن النساء أثناء الحرب. طب وإيه الغلط في كده؟ وده منطقي جداً.. لازم يدافعوا عن نساءهم ويستموتوا في الدفاع عنهم كمان لأن النساء في الزمن ده كانوا بيتاخدوا سبايا.. وده - والله العظيم يا «لون وولف» – ماكانش عند العرب لوحدهم.. كان عند الشعوب كلها في ذلك الوقت. ويمكن العرب المسلمين كانوا أرحم من غيرهم بكتير (ارجع مثلاً لوصايا «عمر بن الخطاب» لقادة جيوشه).
نخلص من ده كله بأن الإسلام ساوى بين الذكر والأنثى في الإنسانية. الأنثى مكلفة دينياً مثل الذكر تماماً وعلى قدم المساواة. والقرآن بيخاطب الرجل والمرأة على حد سواء. واحد حيقول طيب وحق الميراث ليه ما فيهوش مساواة بين الرجل والمرأة؟ حرد عليه بالفم المليان وأقول إن ده شيء عظيم جداً في وقت كان الرجل يتحمل فيه كل أعباء الإنفاق على الأسرة، في وقت كانت فيه نظم قانونية في بلاد أخرى تحرم المرأة من الميراث ولا تعطيها الحق في أن تكون لها ذمة مالية أصلاً. وهناك أنظمة كانت تقصر حق الميراث على الذكر الأكبر حتى لا تتفتت الملكية. وهناك أنظمة أخرى كانت تخضع الميراث للوصية.. وهكذا.
(طبعاً فاكرين «الملك لير» وازاي وزع تركته على بناته الثلاثة، أو على اثنين منهم على الأصح. بس دي كانت "دوطة" للأزواج.. يعني للذكور برضه. واللي جه يحاول ينقذه كان جوز البنت الصغيرة ومش البنت نفسها... يعني "الرجال قوامون على النساء" برضه)
طيب وفي الوقت الحاضر اللي المرأة فيه بتشارك في حمل الأعباء المالية مع الراجل، حنقول إيه؟ حنقول إن الإسلام ما بيسدش الباب بالضبة والمفتاح. الراجل أو الست (طبعاً اللي ربنا فاتح عليهم وعندهم حاجة ممكن يورثوها لأولادهم) اللي حاسين إن بناتهم محتاجين أو إن ولادهم الذكور عندهم ما يكفيهم قدامهم منافذ كثيرة: الوصية في حدود ثلث التركة، والبيع أو الهبة للبنات أثناء حياة المورث أو المورثة. ودي كلها حاجات حلال ومحدش يقدر يقول فيها تلت التلاتة كام. المهم انه ما يظلمش حد: "الظلم ظلمات يوم القيامة" ؛ والمثل الشعبي بيقول "من حكم في ماله فما ظلم" بس طبعاً من غير سفه ولا جور على حقوق حد لأن ده بينهى عنه الإسلام.
طيب ونروح بعيد ليه. النهارده الأغلبية الساحقة من البلاد الإسلامية بتتمتع فيها المرأة بحقوقها السياسية. لها حق الانتخاب وحق عضوية البرلمان.. حتى في اليمن اللي كان بيحكمها منذ بضعة عقود إمام مشعوذ بيدعي العصمة والقداسة (والأخ «محمد» زعلان وبيتكلم عن "مذابح الجيش المصري" في اليمن، لو كان راح اليمن كان شاف اليمنيين بيحبوا مصر وعبد الناصر قد إيه. يا أخ «محمد» لسه لغاية النهارده فيه حزب اسمه «الحزب الناصري» في اليمن. ولو كنت شفت في الفضائيات صور مظاهرات اليمنيين احتجاجاً على غزو العراق كنت حتلاحظ إن كتير منهم رافعين صور «جمال عبد الناصر». وده رغم إن ’اخواننا البُعدا‘ بيشيطنوا عبد الناصر ويشوهوا صورته من عام 1955 لغاية دلوقتي). وفي إيران، يعني حتى في بلد ’ولاية الفقيه‘، نسبة النساء في البرلمان أضعاف نسبة النساء في الكونجرس الأمريكي... دي مجرد أمثلة. طيب هل خرجت الشعوب المسلمة غاضبة تقول إن إعطاء المرأة حق الانتخاب ودخولها البرلمان "رجس من عمل الشيطان"؟ محصلش. عندنا في مصر المرأة بتتمتع بحقوقها السياسية من أكتر من خمسين سنة، وده ماكانش تحت ضغط الأمريكان ’حماة الديمقراطية وحقوق الإنسان‘.. لأ دا كان بتأثير التحولات الاجتماعية الداخلية اللي كانت بتعيشها مصر في تلك الفترة...
أكثر من كده هناك دول إسلامية معاصرة وصلت فيها المرأة إلى أعلى المناصب. يعني رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء.. «بينظير بوتو» في باكستان و«ميجاواتي سوكارنو» في إندونيسيا و«طانسو تشيللر» في تركيا (للعلم تركيا فيها تيارات إسلامية جماهيرية قوية جداً رغم ’علمانية‘ الدولة) هل خرجت الجماهير المسلمة في البلاد دي وكسرت الدنيا احتجاجاً على وصول نساء إلى هذه المناصب؟ بالعكس الجماهير هي اللي جابتهم للسلطة وعن طريق الانتخابات.
ده كله معناه إيه؟ معناه إن العقيدة الإسلامية، كما تعيش في قلوب الجماهير، مابترفضش التطور ومابتسدش الباب قدام التقدم. معناه إن الإسلام الحي، الإسلام اللي عايش في قلوب ملايين الناس وليس في أمخاخ بعض المتزمتين، مش هو العقبة وان فيه (أي في الإسلام) مرونة وحيوية تخليه قادر على الاستجابة لاحتياجات العصر.
نضرب بعض الأمثلة: في أواخر القرن التاسع عشر أصدر الخليفة العثماني، السلطان «عبد الحميد» في الوقت ده، فرمان يأمر الجنود الانكشارية بخلع العمم (العمائم) اللي كانوا بيلبسوها على روسهم ولبس الطرابيش بدلاً منها (طرابيش زي اللي كان الأفنديات المصريين بيلبسوها على روسهم لغاية سنة 1950 تقريباً). وكانت النتيجة ثورة عارمة: رفض العساكر، وخرجت الناس في الشوارع تكسر وتحرق احتجاجاً على هذه البدعة (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، بس دي يا ناس بدعة لا تمس جوهر الدين في شيء!) هل ده ممكن يحصل النهارده؟ طبعاً مستحيل. الأتراك خلعوا العمم والطرابيش وعندهم دلوقتي بيوت أزياء بتنافس البيوت الأوروبية.. ومع ذلك فضلوا مسلمين. تشوف الجوامع هناك يوم الجمعة مليانة لآخرها. المصريين وكثير من العرب التانيين خلعوا العمم والطرابيش بهدوء ومن غير كلام عن البدع ولا مناداة بالويل والثبور للمتفرنجين المارقين. حتى ’آيات الله‘ في إيران ميقدروش يقولوا للإيرانيين النهارده اخلعوا البدل والبسوا الجلباب والعمامة. معنى كده إيه؟ معناه إن التطور بيشق طريقه، وإن المسلمين مابيرفضوش التجديد. مادام لا يتعارض مع أصل من أصول الدين. ولا أعتقد أن هناك تجديد جوهري أو مفيد أو ضروري يمكن أن يتعارض مع أصل من أصول الإسلام.
هل ده تبسيط للأمور؟ هل معنى ده إن كله تمام وإن ’ليس في الإمكان أبدع مما كان‘؟ لأ.. ده تركيز على ما هو جوهري. عارف إن فيه ناس متحجرين ويمكن ’ظلاميين‘ كمان.. لكن دول مش الكتلة الأساسية.. دول تيارات هامشية لا تمثل الغالبية الساحقة من المسلمين. ودي ظاهرة طبيعية تماماً في فترات التدهور والإحباط. لما الناس تبص قدامها ماتلاقيش أفق واضح. لما المثقفين بتوعهم يقولولهم: حياتكم كلها هزائم وتاريخكم مافيهوش حاجة مضيئة. دي ظاهرة وجدت في حياة شعوب كثيرة. فإذا استطاعت الشعوب أن تنهض .. بتختفي هذه الظاهرة بالتدريج إلى أن تزول تماماً.
هي دي مشكلتنا الكبرى النهارده.. إن إحنا ننهض.. إن إحنا نتحرك للأمام.. إن إحنا نحقق لشعوبنا مستوى حياة أحسن.. وتعليم أحسن.. ومشاركة متزايدة في صنع القرار وفي تغيير حياتها من غير استعلاء عليها.. وبالاستماع لها والتعلم منها.
وعشان كده لازم نركز على ما هو جوهري.. أما الثانوي والهامشي فنضعه في حجمه الحقيقي بدون مبالغة أو تضخيم. الأخ «محمد» بيهاجم اللي بيشيطنوا الآخرين ويعاملوهم كأنهم كتلة صماء مصمتة أو متجانسة تماماً. لأ يا أخ «محمد» محدش يقدر يقول إن الأمريكان (أو الإسرائيليين حتى) كتلة متجانسة أو صماء.. إحنا عدونا مش الشعب الأمريكي.. الشعب الأمريكي خرج في مظاهرات مليونية ضد غزو العراق.. الشعب الأمريكي ساهم بدور مهم جداً في وقف حرب فيتنام، بس الدور الرئيسي والجوهري كان طبعاً مقاومة الفيتناميين أنفسهم.. الشعب الأمريكي فيه مفكرين ومثقفين عظام نحترمهم ونتعلم منهم.. بس برضه نحلل ونفرز، ونشوف المفيد في أفكارهم ونستفيد بيه.. ونشوف غير المفيد والضار ونرفضه.. لازم إحنا اللي نفكر لنفسنا.. صحيح ناخد من الآخرين كل ما هو إيجابي ومفيد.. بس، في الوقت نفسه، نملك زمام فكرنا. المثل العربي القديم بيقول: "أهل مكة أدرى بشعابها". الإسرائيليين برضه مش كتلة صماء.. لأ فيهم، حتى النهارده، أفراد ويمكن تيارات - محدودة التأثير- عايزه السلام وبتتخذ مواقف موضوعية أو قريبة من الموضوعية.. أنا احترم جداً ناس زي «يوري أفنيري» أو «نورمان فنكلشتاين» أو «إسرائيل فنكلشتين».. وأقرأ دراساتهم وأستفيد بيها جداً. طبعاً كان فيه وقت كان فيه حركة «السلام الآن» وكان لها قدر غير قليل من الجماهيرية. دلوقتي نفوذها انحسر، وأصبحت الكلمة العليا في الشارع الإسرائيلي للمتطرفين والمتعصبين.. مش كده ولا إيه؟ (ودي ظاهرة مرتبطة بخصخصة القطاع العام في إسرائيل وممتلكات الهستدروت، أي تصفية القاعدة الاقتصادية لحزب العمال الإسرائيلي، ومرتبطة أيضاً بالاستراتيجية الأمريكية بعد انتهاء الحرب الباردة وبالتغييرات في التركيب السكاني لإسرائيل). يعني خلاصة الكلام إننا ممكن نبقى مدركين للاختلافات والتباينات في المجتمع الأمريكي أو الإسرائيلي. بس الغلط هو أن نتوهم إن المعارضة الأمريكية أو الإسرائيلية هي اللي حتحررنا أو تحل لنا مشاكلنا. دي مهمتنا إحنا.. وده من غير ما نشيطن حد ومن غير ما نغمض أعيننا عن الحقائق الموضوعية.. لأننا بقدر ما ندرك الواقع على ما هو عليه بدون أوهام أو تزويق أو تشويه، بقدر ما نقدر نبقى مؤثرين.
المشكلة الخطيرة جداً في اعتقادي إن إحنا "نشيطن" بعض. أنا بصيت مثلاً على البلوج بتاع الأخ «لون وولف» ولقيت مفيش حد عاجبه.. لا "المعارضة البرجوازية" ولا "اليسار المنفصل عن الشارع" ولا "الإسلاميين" ويمكن عشان كده اختار إنه يكون "لون" و"وولف" عشان كده هو محبط وبيسارع إلى "تسجيل احتجاجه" على كلامي بدون ما يوضح الأسباب.
مش ده معناه إن إحنا بنشيطن بعض.. بنشيطن "المعارضة البرجوازية" و"اليسار" و"الإسلاميين"؟ يعني على رأي الأخ «محمد» بنبص لكل تيار من التيارات دي ككتلة مصمتة، كتلة غير متجانسة ومرفوضة كلها على بعضها؟ مفيش حد ’يوحد الله‘ داخل هذه التيارات كلها قصده خير وقلبه على البلد وعايز ينهض بيها؟ وهل صحيح أن هذه التيارات كلها متجانسة.. اليسار كله متجانس والمعارضة البرجوازية متجانسة والإسلاميين متجانسين؟ مش صحيح.
الحقيقة إن كل الناس اللي عايزين ينهضوا بالبلد.. اللي عايزين يبقى فيه تنمية حقيقية.. يقضوا على الفساد.. يحققوا مشاركة شعبية حقيقية ومتزايدة.. يقضوا على البطالة.. كل الناس اللي عايزين يوقفوا التدهور والخراب المتزايد.. كلهم في خندق واحد.. رغم اختلاف الإيديولوجيات اللي هو شيء طبيعي.
يعني في مصر "الإسلامي" اللي بيرفض التبعية للغرب وبيرفض الفساد مع "اليساري"، ويمكن كمان مع أجزاء كبيرة من المعارضة البرجوازية، في خندق واحد. في فلسطين.. «حماس» و«الجهاد» و«الجبهة الشعبية» و«الجبهة الديمقراطية» و«حزب الشعب» (الحزب الشيوعي الفلسطيني) وعناصر كتير في «فتح».. كل دول في خندق واحد.
أي تعميق للخلافات.. أي شيطنة لطرف للطرف الثاني.. أي اختلاق لمعارك واختلافات وهمية لا يخدم إلا مصالح أعداءنا ونتيجته الوحيدة هي تعطيل النهضة والتغيير..
حتقول لي الإسلاميين مش ديمقراطيين.. بعضهم بيقول الديمقراطية نظام غربي لا يتفق مع الإسلام. حقول لك تعالى بص في عالم اليوم.. الإسلاميين بيحكموا في تركيا في ظل نظام علماني.. الإيرانيين عندهم برلمان وانتخابات يعني مش "بيعة من أهل الحل والعقد" وعندهم تيارات مختلفة.. محافظين وليبراليين.. الخ. يعني التطور ماشي والعصر بيفرض ضروراته.
وبعدين مين قال إن الديمقراطية الموجودة في أمريكا وأوروبا هي الشكل الأمثل الكامل الأوصاف والمعاني اللي لازم ناخده زي ما هو ونطبقه في بلادنا؟ كتير من علماء السياسة والمفكرين الغربيين بينتقدوا النظام الديمقراطي عندهم. بُص لنسبة المشاركين في الانتخابات وكيف تتناقص.. ناس كتير هناك يئست من جدوى الانتخابات واللعبة كلها.. بُص للعملية الانتخابية وكيف تجري وتدار؟ دلوقتي فيه "خبراء انتخابات" بياخدوا عشرات ومئات الملايين من الدولارات.. وبيشتغلوا مع اللي يدفع أكثر.. عشان يعلموا المرشح إزاي يحط "الروج" على شفايفه وازاي ينتف حواجبه ويسرح شعره.. وازاي يتآمر على خصومه.. وازاي يخدع الشعب بالكلام المعسول والمزوق.. بالاختصار إزاي "يسوق" نفسه.. يعني السياسة والديمقراطية والانتخابات والكلام الكبير ده أصبح سوق كبير.. بتلعب فيه الشركات الكبرى والشاطر اللي عنده فلوس أكتر ويقدر "يلبس الناس الطاقية" ويأكلهم البالوظة أكتر من التاني.
الديمقراطية دي - ديمقراطية السوق – ما تلزمناش.. إحنا عايزين ديمقراطية تخلي الناس يشاركوا في صنع القرار بحق وحقيق. عايزين ديمقراطية حقيقية مش حقوق حبر على ورق.. عايزين ديمقراطية تساعدنا على بناء بلادنا .. على تنمية حقيقية.. ديمقراطية تساعدنا على القضاء على البطالة والفساد.. ديمقراطية مختلفة.. أعمق في مضمونها بكتير من الديمقراطية الغربية. ومش ديمقراطية شكلية لا تودي ولا تجيب. وعلينا من خلال الممارسة كلنا، ليبراليين ويساريين وإسلاميين، أن نكتشف معاً الطريق.. أن نبتكر معاً الأشكال الديمقراطية اللي ممكن تنفع لنا وتساعدنا.. كلنا في خندق واحد.. عشان كده بقول كفايانا انفصال عن شعوبنا، كفايانا شيطنة في بعضينا.. كفايانا تضخيم في عيوبنا وتيئيس للناس.. كفايانا اغتراب عن جذورنا.. كفايانا تبعية فكرية.. كفايانا شرزمة.. والكلام ده موجه للجميع دون استثناء.
وإلى اللقاء مرة تانية عشان نتكلم عن موضوع "الشوفينية" بالتفصيل ونرد على الأخ العزيز «لون وولف».
٢١ أغسطس ٢٠٠٥
وخلّي قلبك عمره ما يسامح! *
لم تكن هذه هي أول مرة أندهش فيها من مقولة البعض "في بعض الأحيان لازم تدخل عسكري..." وكانت هذه الجملة في معرض "حل مشكلات الأنظمة الدكتاتورية في الدول العربية مثل آيراك -العراق سابقا-ً وسوريا - سيريا قريبا"
هناك أشياء كثيرة تظل تدهشني وتؤلمني كلما سمعتها... كقصة جريمة أمريكا في هيروشيما مثلاً. لا يمكن مهما حدث، أن تُذكر أمريكا دون أن يذهب عقلي إلى صورة أشخاص يحترقون ويتساقط جلدهم فيقفزون في البحر اعتقادا منهم أنه سيبرد أجسادهم، فيجدونه ماء مغلي مشبع بمواد كيميائية تكوي الجسد في لحظات...
أنا مش عارفة كنت عايزة أقول ايه بالظبط لما بدأت أكتب... كان فيه حاجات كتير بتعدي في دماغي.. مسرحية الانتخابات... واحد مشكوك في أمره وفي انتماءاته ونزاهته.. واحد لابس قميص وكرافته وعنيه بتشر منها البلاهة ... واحد رافع صباعه وبيقول لي "اتخنقنا" ...ناس بتقول تغيير كأننا حنغير ملابس داخلية ولا جزمة... "تقدم" الغرب... "الديمقراطية"..."تحرير" العراق ... فيتنام... هيروشيما ونجازاكي... صبرا وشتيلا... الفلوجة... كلها أشياء منفصلة متصلة ترسم في النهاية صور سوداء ملطخة بالدماء
أعتقد ان الموضوع بدأ لما حاولت أسأل نفسي فين أولوياتي، ولقيت ان كل حاجة متلخبطة. الشيء الوحيد اللي كنت متأكدة منه هو ان مهما كانت الظروف لا يمكن أقف في نفس الصف اللي وقف فيه سفاحو هذه المجازر حتى لو كانت روحي في إيدهم.
قال أبي في أغنية "المسألة":
الأصيل مالهش في الدنيا دي حظ
والسعادة لكل قاسي قلبه فظ
يا ترى نركعله ولا نقوله طُظ!
حتى لو دماغنا تحت المقصلة...
هي ديه المسألة!
* العنوان من قصيدة لفؤاد حداد بعنوان "إكبر يا ليل" :
٠٢ أغسطس ٢٠٠٥
أغسطس في الجنينة
موسيقى مصرية حديثة و كلمات مصرية تهتم بالشباب و توزيعات جديدة بأصوات مصرية شابة و أداء مختلف عن السائد هذه هى المكونات الرئيسية لفرقة بلاك تيما التى تقدم موسيقى مختلفة و جادة و قادرة على جذب أنتباه أذن الجمهور.
الأربعاء 3 أغسطس : فيونكات دنيا
تجمع دنيا الأغنيات المختلفة الأيقاعات من ربوع مصر فى شكلها الفلكلورى و تعيد تقديمها بعد أضافة نكهة جديدة لها ، فكأننا نستقل قطارا يعبر أرجاء مصر لنستمع لكل أشكال الغناء المصرى. يصاحب دنيا مجموعة من العازفين المهرة و المهتمين بألغناء المصرى تحديدا.
الخميس 4 أغسطس : بشير
يعيد الفنان محمد بشير تقديم أغنيات من جنوب مصر فى قوالب الريجى و الجاز الحديث من خلال توزيعات و أيقاعات مختلفة عن السائد و المطروق . يقدم محمد بشير أغانيه منذ أكثر من 8 سنوات و قد تعددت مراحله الفنية حتى وصل الى الشكل الحالى الذى يحاول فيه تقديم تجربة فنية جديدة و مثيرة .
١٧ يوليو ٢٠٠٥
بنات زينب
في الطريق إلى هناك أخبرتني عمتي أن اسم هذه القرية كان في الأصل "ألفا قوس" (أي 2000 قوس) ثم تحول على مر الزمن إلى "فقّوس". لم تشرح لي علاقة المكان بالأقواس أو عددها ولم أسأل، لكنني انبهرت من فكرة وجود أصول ذات معنى لأسماء الأماكن، ومكثت طوال الطريق أفكر في أصول الأشياء وأسمائها.
أعجبني أيضاً اختلاف النطق بيننا نحن القاهريين وبين أهل القرية الذين كانوا ينطقونها "فجّوس" بينما ننطقها نحن "فأّوس". ارتبطت الكلمة في ذهني ببيضات دجاجات عمتي خديجة وبطها "المستكوفي" الذي كانت تفتخر به والذي سكن عشة فسيحة طالما جلست بداخلها منتظرة أن أرى البيض وهو يفقس كتاكيت، وهكذا أصبح ذكر "فقوس" مقترناً في عقلي بحظيرة منخفضة الضوء ذات رائحة كريهة تحتضن في أركانها أملاً في الحياة : البيض وهو يفقس الكتاكيت.
هل كان صباح عيد الأضحى أم عيد الفطر حينما جلست مع بنات القرية تحت تكعيبة العنب أتأمل جلابيبهن زاهية الألوان وأشعر بالضآلة والقبح في قميص نومي الطفولي القصير المزدحم بالدببة الصغيرة وعبارة "تصبح على خير" بكل اللغات ما عدا العربية؟
كانت الحاجّة زينب تأتي إلى بيتنا كل يوم لتساعد عمتي في تنظيف المنزل وإعداد الطعام وتحضر بناتها الخمس معها ليساعدنها. أحببتهن جميعاً لكن بهيجة كانت أقربهن إلى قلبي، وجهها مبتسم تشريحياً وعيناها عسليتان مليئتين بالدفء. كانت أطولنا وأكبرنا سناً، طالما حاولت أن أجدل شعري الخفيف مثلها لكن ضفيرتها الكثيفة المتماسكة لم يكن لها مثيل.
كنت أنتظر البنات كل يوم بفارغ الصبر حتى ينتهين من المهام المنزلية لكي ننطلق إلى الحديقة ونغرق في اللعب. ما عدا في العيد... لم أضطر أن أنتظر، فاللعب كان يبدأ مع شروق الشمس ولا يطلب الكبار من الأطفال شيئا غير أن يتركوا المنزل ويلعبوا بعيداً حتى تنتهي السيدات من تحضير الغذاء.
تجمعنا تحت تكعيبة العنب نتحسر على مخزون البُمْب الذي نفذ وزاد من كآبتي أن البنات لا يردن اللعب في الطين حتى لا تتسخ الملابس الجديدة، فجلسنا أنا وبهيجة نبحث عن طريقة ننقذ بها يوم العيد....
قالت عزيزة:
- نروح البلد نجيب بمب!
صرخت بهيجة في وجهها وبرطمت بكلمات لم ألتقط منها إلا جملة "جاك شلل في فم المعدة!!!" وأدركت دون أن أفهم معنى الكلمات بالضبط أنها سبة فتدخلت لأهدئ النفوس:
- فهموني بس...إيه المشكلة لما نجيب بمب؟ هي البلد بعيدة؟؟
فردت محاولة التحدث بلهجتي القاهرية
- لأ ما بعيداش بس احنا بنات لوحدينا!
وهنا "نقح" علي العرق الثوري وحضرت أرواح جداتي وقلن بصوت واحد على لساني:
- و إيه يعني؟؟!! احنا بميت راجل ونقدر ناخد بالنا من نفسنا ، إحنا مش صغيرين! أنا ح اتم اتناشر سنة كمان سبع شهور!
لم أتح لأحد فرصة للجدال وتوجهت نحو باب الحديقة فسرن خلفي.
ذهبنا إلى "البلد" واشترينا البمب والملبس ثم عدنا إلى المنزل بسلام لم يدم كثيراً، فعندما دخلنا وجدنا وجه عمتي محتقنا وصرخت في وجوهنا:
- أنا قلبي وقف!!! إزاي تخرجي من غير ما تقولي؟إنت لسه صغيرة! كان ممكن تتوهي ولاّ تتخطفي!! وانتوا بقى لكم معايا حساب تاني!!
بدأت البنات في البكاء ووقفت أنا شامخة متحدية أدافع عن حقوق المرأة وحق الأطفال – الآخرين طبعاً مش أنا- في الحصول على البمب يوم العيد... وجاءني صوت زوج عمي من الداخل ليزدني قوة وثقة بالنفس...
- فيه إيه؟!! إيه الزعيق ده كله؟! ما تنكديش ع العيال يوم العيد! خلاص ماجراش حاجة ، ماهي رجعت بالسلامة وبعدين كان معاها بنات زينب وهم عارفين البلد كويس..
وقبل أن ينتهي من الجملة كان قد وصل إلى باب غرفته ورأنا مصطفات أمام عمتي وفي لمح البصر اختفت النظرة الحانية من عينيه وأكاد أجزم أنني رأيت شراراً حقيقياً يخرج منهما!
- إنتي خرجتي كده؟
- كده ازاي يعني؟
- نزلتي السوق بقميص النوم ده؟؟! إنتي فاكرة نفسك عيلة صغيرة؟؟!
(وبعدين بقى... صغيرة ولاّ مش صغيرة!؟ ما ترسوا على حل... وبعدين ايه علاقة ده بقميص النوم..)
- وفيها ايه يعني؟ ماله قميص النوم؟؟!!
- فيها ايه؟! طيب تعالوا بقى!
ودخل غرفته وأحضر "عصاية" لم أكن قد رأيتها من قبل وعلا صراخ البنات ولا أتذكر شيئاً بعد ذلك غير صوت "العصاية" في الهواء ثم على جسدي.
عرفت فيما بعد أن اسمها الملعون هو "الخرزانة" وظللت أكرهها ولا أطيق سيرتها طوال حياتي.
وفي تلك الليلة سمعت من خلف باب حجرتي - التي حكم علي بالحبس فيها حتى نهاية اليوم- كلمات جديدة على مسامعي وجمل ظلت تؤرقني طوال سنوات مراهقتي: "البنت كبرت وجسمها اتدور بس لسه مخها صغير... اللي يشوفها يفتكرها عندها 17 سنة... ربنا ستر... البنات دول هم!"
أما قميص النوم فرميته في سلة المهملات! ومنذ ذلك اليوم لم تعرف الفساتين والجونلات طريقاً لدولابي لفترة طويلة، وكنت أتأمل فاترينات الملابس الداخلية سرأً وفي حرصٍ حتى لا يدرك أحد أنني في بعض الأحيان أحن إلى أنوثة دفنتها وهي في طور التكوين.
***
منذ عدة أيام ذهبت مع زوجي لزيارة عمتي. تذكرنا طفولتي بأحداثها المضحكة المؤلمة ... تذكرنا رفضي أن أعامل كطفلة ورفضي للسيطرة من أي نوع وفرض آرائي على بقية الأطفال ومشكلة شهيتي المفتوحة دائما و شعري المقصوص كالأولاد ... ومن ضمن ما تذكرنا واقعة الخرزانة الشهيرة فضحكنا وعاتبت عمي مشاكسة:
كانت حتة علقة! مانساهاش! أنا يا عمو تضربني؟؟ وبالخرزانة كمان؟! ده انا حتى ماكنتش اعرف إسمها لحد اليوم ده!
كف عمو عن الضحك وظل يؤكد لي أنه لم يضربني "أنا كنت بارزع الخرزانة جنبك بس لكن ما ضربتكيش "
- ........
- طيب وبهيجة؟ وبقية البنات؟
- ضربتهم طبعاً عشان أخوفك وعشان بهيجة أكبر منك وكانت عارفة انك مايصحش تنزلي البلد بقميص نوم عامل كده!
- إنت متأكد انك ما ضربتنيش خالص يا عمو؟
- طبعاً متأكد!
في مساء ذلك اليوم ارتديت قميص نومي المفضل، أبيض، حريري، شفاف، مزين بزهور وردية صغيرة. وقفت أمام المرآة وعلى وجهي ابتسامة سلام لم تدم طويلاً، فبمجرد أن رأيت ظل جسدي خلف القماش شعرت بلسعة الخرزانة أسفل قدمي.
٢٨ يونيو ٢٠٠٥
أسئلة في الشارع
٢٦ يونيو ٢٠٠٥
SHA3BY
موسيقى و غناء شعبي من الشمال الى الجنوب
جديد المورد الثقافي هو برنامج "شعبي" الذي يقدم ستة من أهم فرق الموسيقى و الغناء الشعبي من الصعيد و الدلتا و النوبة و قناة السويس. و يمثل هذا البرنامج نواة لمهرجان سنوي للموسيقى و الغناء الشعبي نأمل في أن يتسع و يتطور ليقدم أشكالاً متنوعة من الفنون الشعبية من مصر و خارجها في نفس الموعد كل عام. يقدم برنامج "شعبي" بالتعاون مع الهيئة العامة لقصور الثقافة و مركز المصطبة للموسيقى الشعبية و المركز المصري للفنون و تحت رعاية شركة دلتا ميديكال.
برنامج "شعبي" يقدم على مسرح الجنينة بحديقة الأزهر كل خميس و جمعة من 30 يونيو و حتى 15 يوليو 2005 على مدى ستة ليالي :
الخميس 30 يونيو : فرقة النيل للموسيقى و الغناء الشعبي. تعد هذه الفرقة التابعة لهيئة قصور الثقافة أشهر و أكبر فرق الموسيقى و الغناء الشعبي في مصر و هي وريثة الفرق الشعبية التي أسسها زكريا الحجاوي في الخمسينات و طورها سليمان جميل في السبعينات. يشرف على الفرقة الفنان عبد الرحمن الشافعي و تقدم الفرقة عروضها على مدار العام في مهرجانات دولية و اقليمية معروفة كما تضم نخبة من أفضل المطربين و العازفين في مصر. و يتضمن هذا الحفل أغاني و مووايل من تراث صعيد مصر.
الجمعة 1 يوليو: فرقة أشر و المطرب حسن الصغير من النوبة . يقدم هذا الحفل بالتعاون مع المركز المصري للفنون الذي يديره الدكتور / أحمد المغربي.
الخميس 7 يوليو : فرقة أراجيد و المطرب سيد جاير من النوبة. يقدم هذا الحفل بالتعاون مع المركز المصري للفنون الذي يديره الدكتور أحمد المغربي.
الجمعة 8 يوليو: فرقة البرامكة. تأتي هذه الفرقة من مدينة المطرية في شمال الدلتا و تستمد اسمها من عائلة البرامكة الشهيرة في التاريخ الاسلامي و التي تفرق نسلها و أتباعها في العالم الاسلامي بعد نكبة البرامكة في عهد الخليفة هارون الرشيد. أعضاء الفرقة التي تقدم أغانيها بمصاحبة الايقاع فقط هم جميعاً أبناء أسرة واحدة ، و تتنوع أغانيهم بين دينية و عاطفية و أغان للصيادين حيث يعمل معظم البرامكة في صيد السمك من بحيرة المنزلة. يقدم هذا الحفل بالتعاون مع مركز المصطبة للموسيقى الشعبية المصرية الذي يديره الأستاذ/ زكريا ابراهيم.
الخميس 14 يوليو: فرقة الطنبورة. واحدة من أكثر الفرق الموسيقية في مصر شهرة و جماهيرية ، تأسست في عام 1989 و تضم حوالي عشرين مؤدياً بين عازف و مطرب و راقص و تقدم الأغاني الخاصة بمنطقة قناة السويس و التي تؤدى بمصاحبة آلات السمسمية و الطنبورة. و بالإضافة الى حفلها الاسبوعي يوم الأربعاء في بور فؤاد ، تقدم الطنبورة حفلاتها في مصر و بلاد العالم المختلفة على مدار العام. و قد حصلت الطنبورة على جائزة المهرجان الدولي للأغنية و الموسيقى في كندا عام 2000 كما شاركت في مهرجانات هامة في السويد و فرنسا و بريطانيا و مالي و سويسرا. يقدم هذا الحفل بالتعاون مع مركز المصطبة للموسيقى الشعبية المصرية الذي يديره الأستاذ/ زكريا ابراهيم.
الجمعة 15 يوليو: فرقة النيل للإنشاد الديني. يحتفي الحفل الأخير في برنامج "شعبي" بأساتذة الإنشاد الديني الشعبي في منطقة الدلتا و الذين يطلق عليهم "الصييتة". هذه الفرقة تابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة و هي منبثقة عن فرقة النيل للموسيقى و الغناء الشعبي التي يشرف عليها الفنان عبد الرحمن الشافعي.
تبدأ جميع الحفلات في التاسعة مساءً . لمزيد من المعلومات أو لإجراء مقابلات صحفية يرجى الاتصال ب : محمد طلعت ت 0105755191
٠١ يونيو ٢٠٠٥
ستوكهولم
قالوا أنها جميلة فقلت أن كل من يسافر أوروبا يعود منبهراً أياً كانت المدينة، فلم أتوقع أي اختلاف بين ستوكهولم وبين مدن ألمانيا التي زرتها وأحببتها ... على كل حال دعاني صديقي لأزور المدينة وها أنا في الطائرة.
خرجت من المطار ونظرت حولي وكما توقعت الشوارع نظيفة والسيدات جميلات وأنيقات كما قيل عنهن .. تلك هي بلاد أوروبا الغنية.
الطريق السريع الذي سلكناه من المطار إلى المدينة كان طويلاً وجميلاً ... وعادياً.
دخلت المنزل المُنَمَّق ورحبت بي أسرته ترحيباً شديداً وانهالوا علي بالأحضان والقبلات والأسئلة: هل أنتي جوعانة؟ هل آتي لك بكوب من القهوة؟ اتركوها لترتاح فهي أكيد متعبة .. أُشعل لكِ المدفأة في غرفة النوم؟ .. الخ.
كان هذا هو أول اختلاف وجدته بين السويد وألمانيا. ومنذ تلك اللحظة تلاحقت الأحداث وأخذت المدينة الجميلة على عاتقها مهمة إبهاري كأنما عليها ندر إن لم توفيه احترقت!
بعد الترحيب والأكل والشرب والترحيب والأكل ومزيد من الترحيب خرجنا إلى حديقة المنزل الخلفية التي زرعت فيها الأم زهوراً وشجيرات تنبعث منها روائح الجنة، وطماطم في حجم التفاح – أكلنا منها فيما بعد- وشجرة فاكهة تشبه الخوخ لم تكن قد أثمرت بعد، وفي ركن من أركانها جلسنا على "مرجيحة" - لا تصدر أصوات "تزييق" عند الحركة - لنراقب الغروب...
خدرني لون السماء الذي لم أجد له تصنيفاً – برتقاليٌ ضاربٌ إلى الحمرة ممتزجٌ بخطوط زرقاء تميل إلى البنفسجي - وقاومت النوم الذي بعثه في الهدوء حتى لا أضيع لحظة من هذا المشهد الفردوسي. لكن جسدي أقوى من عقلي، وعندما يأخذ قرار فقدان السيطرة والاستسلام للنعاس – أو لأي ضعف إنساني آخر – حتى الطبل البلدي لا يستطيع أن يثنيه عن عزمه!
تخللت أحلامي مشاعر الذنب والأسف ... كيف تنامين وتتركين هذا المنظر؟
لكنني عندما فتحت عينيَّ وجدت المدينة تبتسم في وجهي قائلة بصوت رقيق دافئ –تشوبه بعض نبرات الفخر والاستعلاء الطفيفة – "الغروب عندنا يا عزيزتي يدوم ساعات كما يدوم الشروق ... يومنا في الصيف طويل وليلنا لا يعرف الظلام. فمازال يمكنك التمتع بالغروب حتى بعد أن نمتِ أكثر من ساعة"
ابتسمت تقديراً وانحنيت اعتذاراً وسلمت نفسي لها لتمارس عليَّ كل وسائل التعذيب الممكنة: رائحة الزهور في وسط المدينة، الوجوه المبتسمة في كل مكان، أشجار ذات ألوان لم أعرف بوجودها، أنغام وأحلام وعيون مشرقة متفائلة... القائمة لا نهاية لها، حتى فقدت السيطرة تماماً وهمت على وجهي في فضاءات وردية أغني كالشيوخ النشوانين في مقامات بيرم "يا أيتها المدينة الحنونة القاسية! كفى! لن يحتمل قلبي مزيداً من الجمال ... الحب والأمل والحلم أحمال فوق أحمال! كيف أعود إلى أهلي وأنا على هذا الحال؟!"
وبعد أيام طويلة من الغرق في النشوة والأحلام رق قلبها أخيراً. استيقظت من نومي بقلب منقبض مثقل بالتشاؤم ...
بالرغم من أنها لم تخبرني عندما اتصلت إلا أنني تيقنت أن مكروها ما قد أصاب أبي عندما سمعت صوت أختي.
****
طاب أبي قبل أن أعود إلى الوطن واستمتعت بباقي الرحلة وعدت إلى القاهرة بصور كثيرة وحكايات أكثر. صرت أحكي لكل الأصدقاء والأقارب عن ستوكهولم الساحرة بلياليها البيضاء وشمسها التي لا تغيب...
ومنذ ذلك الحين وأنا أعشق ضوء القمر.
٢٤ مايو ٢٠٠٥
هكذا قَصَّتْ وحَذَفَتْ وحَرَّفَتْ الدستور في النص
(كل ما حذف أو تم تغييره باللون الأحمر)
- سامية .. لابد أن تأخدينا اليوم في ال "لانش بريك" إلى "ذا سيتي أوف ذا ديد".
- لا تؤاخذوا جهلي ... لا أعرف عما تتحدثون!
- ماذا؟؟؟ ألا تعرفين "ذا سيتي أوف ذا ديد"! .. كل أصدقاءنا الذين زاروا مصر قالوا لنا أنه من أهم الأماكن التي يجب أن نزورها.
- حسناَ... انتظروا لحظة
- ألو؟ أيوة يا بسمة... ألا والنبي مين "سيتي أوف ذا ديد" دي؟
- .......
- بتضحكي على ايه؟؟
- .......
- انتي بتتكلمي بجد؟ طيب ودي عايزين يروحوا يعملوا فيها ايه؟
- .......
*******
في الساعة الثانية والنصف ظهراً بشارع عماد الدين:
- تاكس!
...
- تاكسي!
...
- تاااكس!!!
- الدرّاسة ياسطى؟
- ....
- أيوة عند المدافن ... انت عرفت منين؟؟
- "ماحنا ياما بناخد الأجانب هناك يا مدام ... دي منطقة "مُشَيّقة" جداً بالنسبة لهم". (حورها الدستور إلى "شيّقة" مع حذف الميم. ربما اعتبرها خطأ إملائي أو لم يفهم النكتة أواعتبرها نكتة بايخه لكن الحقيقة المُرة إن السائق فعلا قالها "مُشَيّقة" ... أي والله)
من خلف زجاج السيارة صوبت الأستاذة الأستاذة ميلينا دراجيتشيفيتش (حذفوا الإسم - ربما لم يعجبهم - في حين أنني أعتبره مهماً لأنه يعزز الإحساس بالغربة وقلة الحيلة التي شعرت بها بطلة القصة لتواجدها مع أشخاص لا تستطع نطق أسمائهم )، رئيس أقدم جامعة بأوروبا الشرقية، كاميرا فيديو باتجاه العشش التي احتلت حوش بعض المقابر باحثة عن ساكني مدينة الموتى. ظهرت سيدة مقرفصة أمام عتبة حوش و أمامها "طشت" مملوء بماء معكر. نظرت الينا بعينين متشبعتين بلامبالاة مألوفة واستمرت في "دعك" الغسيل.
- هل لدى هؤلاء الناس مياه نظيفة وكهرباء؟
- لا أعرف.... في الغالب...
وبعد جولة المدافن صمم سائق التاكسي أن نمر بجامع قايتباي ليطيل الرحلة أو على حد قوله ليتفرج عليه "السياح".(ربما لم تعجبهم الجملة وربما لا تعجب أي أحد ولكن من أعطاهم حق الحكم والقص والتصليح)
دخلنا المسجد ولم يطلب منا أحد أن نضع منديلاً على رؤؤسنا كما حدث في آخر مرة ذهبت فيها إلى الحسين مع أصدقاء أجانب.
إطمأنت عيناي للإضاءة الخافتة وانعكس على قلبي هدوء المكان. سقف المسجد عال تحلق فيه عصافير القاهرة الرمادية الصغيرة. على يساري شبابيك ذات زجاج بقيت ألوانه ثابتة منذ القرن الخامس عشر وعلى يميني منبر خشبي بنقوش إسلامية دقيقة . أغمضت عيناي وتمنيت أن أخلد إلى النوم في هذا المكان الجميل ، جاءني صوت ميلينا تذكرني أننا يجب أن نعود الى العمل ففتحت عيني في تكاسل (لم تعجبهم أيضاً؟) ودرت بنظري في المكان مودعة فوقعت عيناي على ورقة صغيرة معلقة على أحد الجدران: "توجد بالمسجد أكفان رجالي وحريمي".
٢٣ مايو ٢٠٠٥
نقاش... فيما يبدو
يمر فراش الاستوديو العجوز وفي يده "مقشة" ... ينظر إليهم في أسى ويقول "جماعة إيه يا أستاذ؟ قال جماعة قال! ما جمع الاّ اما وفّق!"
١٨ مايو ٢٠٠٥
جريدة الدستور و نشر المدونات
أعزائي المدونين،
أريد أن أعرف رأيكم في موضوع نشر جريدة الدستور لبعض المدونات كل أسبوع. بالطبع هي فرصة جيدة للمواهب الشابة التي تحاول الوصول إلى جمهور أوسع ولكن هل يحق للدستور أن تنشر أي مدونة بدون استئذان سابق من صاحبها؟ وهل من اللائق نشر المدونة مع الاكتفاء بعنوانها الإلكتروني دون ذكر اسم الكاتب؟
عندما وجدت مدونة "تلك المدينة" منشورة في الدستور اليوم سعدت لأول وهلة ثم تملكني شعور سلبي لن أضجركم بوصفه الآن... ملخصه أنني شعرت أنه من حقي أن أوافق أو لا أوافق على نشر مدوناتي... ربما لا تعجبني الجريدة أو لا أتفق مع اتجاهاتها ولا أريد أن يحسب عليّ أن عملاً لي نشر فيها، أو ربما لا تعجبني طريقة عرض المدونة (ليس هذا بالضرورة هو الأمر ولكنه وارد!) أو ربما لست مستعدة لأن يرى أعمالي جمهور أوسع!
أرجو أن لا تجدوا بين سطوري غروراً أو فخراً زائداً بمحاولاتي التي أدرك تماماً أنها بدائية –لذا أطلق عليها محاولات- ولكنني أعتقد أن الكاتب أو مشروع الكاتب أياً كانت جودة كتابته يستحق بعض الاحترام أولاً بأخذ رأيه وثانياً بنشر اسمه.
٠٦ مايو ٢٠٠٥
تلك المدينة (بعد التعديل)
- سامية .. لابد أن تأخدينا اليوم في ال "لانش بريك" إلى "ذا سيتي أوف ذا ديد".
- لا تؤاخذوا جهلي ... لا أعرف عما تتحدثون!
- ماذا؟؟؟ ألا تعرفين "ذا سيتي أوف ذا ديد"! .. كل أصدقاءنا الذين زاروا مصر قالوا لنا أنه من أهم الأماكن التي يجب أن نزورها.
- حسناَ... انتظروا لحظة
- ألو؟ أيوة يا بسمة... ألا والنبي مين "سيتي أوف ذا ديد" دي؟
- .......
- بتضحكي على ايه؟؟
- .......
- انتي بتتكلمي بجد؟ طيب ودي عايزين يروحوا يعملوا فيها ايه؟
- .......
*******
في الساعة الثانية والنصف ظهراً بشارع عماد الدين:
- تاكس!
...
- تاكسي!
...
- تاااكس!!!
- الدرّاسة ياسطى؟
- ....
- أيوة عند المدافن ... انت عرفت منين؟؟
- "ماحنا ياما بناخد الأجانب هناك يا مدام ... دي منطقة "مُشَيّقة" جداً بالنسبة لهم".
من خلف زجاج السيارة صوبت الأستاذة ميلينا دراجيتشيفيتش ، رئيس أقدم جامعة بأوروبا الشرقية، كاميرا فيديو باتجاه العشش التي احتلت حوش بعض المقابر باحثة عن ساكني مدينة الموتى. ظهرت سيدة مقرفصة أمام عتبة حوش و أمامها "طشت" مملوء بماء معكر. نظرت الينا بعينين متشبعتين بلامبالاة مألوفة واستمرت في "دعك" الغسيل.
- هل لدى هؤلاء الناس مياه نظيفة وكهرباء؟
- لا أعرف.... في الغالب...
وبعد جولة المدافن صمم سائق التاكسي أن نمر بجامع قايتباي ليطيل الرحلة أو على حد قوله ليتفرج عليه "السياح".
دخلنا المسجد ولم يطلب منا أحد أن نضع منديلاً على رؤؤسنا كما حدث في آخر مرة ذهبت فيها إلى الحسين مع أصدقاء أجانب.
إطمأنت عيناي للإضاءة الخافتة وانعكس على قلبي هدوء المكان. سقف المسجد عال تحلق فيه عصافير القاهرة الرمادية الصغيرة. على يساري شبابيك ذات زجاج بقيت ألوانه ثابتة منذ القرن الخامس عشر وعلى يميني منبر خشبي بنقوش إسلامية دقيقة . أغمضت عيناي وتمنيت أن أخلد إلى النوم في هذا المكان الجميل جاءني صوت ميلينا تذكرني أننا يجب أن نعود الى العمل ففتحت عيني في تكاسل ودرت بنظري في المكان مودعة فوقعت عيناي على ورقة صغيرة معلقة على أحد الجدران: "توجد بالمسجد أكفان رجالي وحريمي"
١٨ أبريل ٢٠٠٥
El Genaina Theatre at Al-Azhar Park
جاز و رباعيات في افتتاح مسرح
الجنينة
يفتتح المورد الثقافي مسرحه الجديد "الجنينة" في حديقة الأزهر يوم 28 ابريل 2005 ببرنامج موسيقي يمتد لأربعة ليالي و يضم فرقاً من لبنان و فلسطين و سوريا و مصر.
توفيق فروخ و أبسوليوت أوركسترا - لبنان – الخميس 28 ابريل
خالد جبران و مجموعة ليلك – فلسطين - الجمعة 29 ابريل
على الحجار يغني رباعيات صلاح جاهين – مصر - السبت 30 ابريل
فرقة حوار – سوريا – الأحد 1 مايو
لمزيد من المعلومات عن افتتاح مسرح الجنينة اتصلوا ب: 3467601