٢٥ فبراير ٢٠٠٦

صورٌ تَحْكِي

أحب الصور. كل الصور .

أحب الصور التي تأخذني إلى أماكن لم أزرها، وأحب الصور التي تنقل لي شعور من التقطته العدسة في لحظة معينة...وأكثر من كل ذلك أحب الصور التي تحكي لي ما يحس به المصور في لحظة التصوير.

أحب الحَكْي جداً.

أحب الحكي والحكواتية والحكايات. الحقيقية منها والمؤلفة. أكثر حكاية أستمتع بها هي تلك التي يحكيها صاحبها وعيناه لا تفارقان من يحكي له، يستقي من عينيه الأحداث ويُلبِس شخصيات القصة رداء يناسب الجو العام في لحظة الحكي، يضبط إيقاع الأحداث حسب تجاوب المتلقي.

أحب الصور وحكايات الصور.

جلس خالد الخميسي في غرفة معيشتنا يفرجنا على صور "مروي" ويحكي لنا عن تلك الحضارة العظيمة التي ازدهرت ما بين القرن الخامس ق.م والقرن الرابع م. شمال الشلال السادس في السودان. سلك خالد للوصول إلى مروي نفس الطريق الذي سلكه قبله بنحو مائتي عام الفرنسي "فردريك كايو" أول من أرخ لهذه الحضارة. بدأ طريقه من واحة سيوة إلى البحرية ثم الفرافرة، ومنها إلى الداخلة، ومرورا بالخارجة، وصولا إلى وادي النيل، وانتهاءً بالخرطوم ومن هناك قطع حوالي ثلاثمائة كيلومتر حتى بلغ مروي ... إحدى أجمل بقاع الأرض.

الطريق إلى مروي - خالد الخميسيالطريق إلى مروي - خالد الخميسي

لن أفسد عليكم قصة لا تروى إلا بمصاحبة الصور. خالد الخميسي سيعرض صوره ويحكي عنها في ساقية الصاوي قريباً:

الطريق إلى مروي - خالد الخميسي

٠٧ فبراير ٢٠٠٦

كوبونات - حسام فخر

قصة قصيرة لم تنشر من قبل

تدخل عليّ ابنتي متهللة وتقول:
- صنعت لك بيديّ هدية..
تمد كفها الصغير بدفتر يحمل على غلافه كلمة "كوبونات" بخطها الطفولي الساذج المبتدئ ..أفر صفحاته فأرى:

هذا الكوبون خاص بأبي وحده وممنوع أن يستخدمه غيره
الصلاحية: صالح للاستخدام 24 ساعة يومياً سبعة أيام في الأسبوع طول العمر
القيمة: قبلات كثيرة جداً

أقلب الصفحة وأجد:

هذا الكوبون خاص بأبي وحده وممنوع أن يستخدمه غيره
الصلاحية: صالح للاستخدام 24 ساعة يومياً سبعة أيام في الأسبوع طول العمر
القيمة: أحضان بلا عدد كلما أرادها

وفي الصفحة التالية:

هذا الكوبون خاص بأبي وحده وممنوع أن يستخدمه غيره
الصلاحية: صالح للاستخدام ساعات الصباح يومياً سبعة أيام في الأسبوع طول العمر
القيمة: فنجان قهوة في السرير مع الجريدة

أستمر في تقليب الصفحات.. عشرات الكوبونات المكتوبة بخطها الطفولي الساذج المبتدئ تزين حوافها سلاسل من القلوب الوردية.. كلها خاص بي وحدي وممنوع أن يستخدمه غيري.. تعدني بالنوم في حضني، و بمساعدتي في وضع ملابسي في الدولاب، وبتصفيف ما تبقى من شعري، وبمسح دموعي إذا ما سالت رغماً عنّي أمامها، وبإعادة طبقي بعد العشاء إلى المطبخ، وبالسير معي على شاطئ البحر لو سمحت ظروف عملي أن نذهب إليه، وبإطفاء التلفزيون عندما ينقل صور الصواريخ تنسف الأعراس في القرى البعيدة، وبغسيل أسنانها كل يوم صباحاً ومساءً، وبرسم أي عدد أطلبه من الشموس الذهبية المتوهجة لأنظر إليها في أيام الضباب الرمادية التي تخنقني..

ابنتي جميلة وحنونة ومعطاء…وأمريكية..

____________________
© 2006 حسام فخر
القصة منشورة بتصريح من الكاتب.
للكاتب مجموعتين قصصيتين بعنوان "أم الشعور" و"ووجوه نيو يورك" ورواية تحت الطبع بعنوان "يا عزيز عيني"