٢٧ ديسمبر ٢٠٠٦

كل سنة وانت عايش

أنا بريشة بابا!
بابا يا بابا
يا أكتر واحد
صاحبي في الدنيا دي
صاحبي وبرضه سيادة الوالد
وأبوس الأيادي
وكلامك ده حلقة في ودني
مين يقدر عنه يحودني؟
ياللي انت مزاجك تسعدني
لك حبي وفؤادي

ضحكتك العالية الحبوبة
يا حبيبي يا بابا
دابوا في دباديبها بنات جيلك
واتجنوا صبابا
ضحكة لو انا باتمشى في غابة
وأفكر فيها
يتشجع قلبي ولا يهمه
جن ولا ديابة
بس انت تكون راضي عليّا
ما في أسانسير يعطل بيّا
واسلك في طبور الجمعية
والقى الأتوبيس فاضي
بابا يا بابا
يا أكتر واحد
صاحبي في الدنيا دي..

طول عمري أفتكرك وانت
راجع من شغلك
وانا باهتف لك "بابا جه! بابا جه!"
واجري واقابلك
وقتها ترمي هموم العالم
على أول كرسي
وتبان قدامي بحقيقتك
وبخفة ظلك
إنسان مليان رقة وحكمة
فايت بحياتي كمان نسمة
تديني أنا اللقمة الطعمة
وتتعشى انت زبادي
________
واحشني يا بابا. كل سنة وانت طيب.. وشكراً على الغنوة
________

* ذكرى ميلاد صلاح جاهين 25/12/1930
**الأغنية من تأليفه و ألحان كمال الطويل وغناء سعاد حسني في فيلم "المتوحشة"
تحديث: تسجيل كامل لاحتفالية صلاح جاهين بالمجلس الأعلى للثقافة تجدونه هنا في مدونة "واحدة وخلاص".

١٤ ديسمبر ٢٠٠٦

يكبر الرمز يصير بطول البلاد وعرضها!

رداً على ما يدّعيه بعض ’المثقفين‘ اللبنانيين والعرب من تآكل للشعبية التي حققتها المقاومة اللبنانية -وعلى رأسها السيد حسن نصر الله- في الشارع العربي مؤخراً، بسبب دخولها بقوة إلى ساحة الصراع السياسي اللبناني، كتبت الأديبة الدكتورة رضوى عاشور
المقال التالي في العدد السابق من جريدة الكرامة (المصرية) بتاريخ 12/12/2006:

ملحوظة: كتب هذا المقال قبل الحشد الكبير يوم الأحد الماضي.
كمان ملحوظة: يسلم فمك يا دكتورة رضوى!


يكبر الرمز يصير بطول البلاد وعرضها
د. رضوى عاشور

لحزب الله مكانة كبيرة في قلبي.. وللسيد حسن نصر الله قيمة راسخة يعززها يوماً بعد يوم أداؤه وأداء حزبه. أعرف أنني لا أنفرد بهذا الرأي، بل يشاركني فيه ملايين العرب وقد قدم لهم هذا الزعيم نموذجاً مبهراً في قيادته تنظيماً مقاوماً تمكن من مواجهة (إسرائيل) والانتصار عليها مرتين، مرة عام 2000 حين انسحبت القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، ومرة ثانية عام 2006 حين ردت المقاومة العدوان (الإسرائيلي) وأسقطت أهدافه.

وفي الأزمة التي يعيشها لبنان الآن يقود حزب الله تحالفاً شعبياً واسعاً نزل إلى الشارع ليعلن عن مطالبه منذ اليوم الأول من هذا الشهر في مظاهرة حاشدة شارك فيها مئات الآلاف (قدرتهم القوى الأمنية اللبنانية بثمانمائة ألف، وقدرهم بعض المراقبين بما يتجاوز المليون، وهو ما يوازي خروج 17 مليون مصري إلى الشارع). خرجوا من مختلف المناطق اللبنانية وعلى اختلاف طوائفهم ومذاهبهم وانتماءاتهم الحزبية يحملون شعارات موحدة ومطالب محددة. وأعقب المظاهرة اعتصام ممتد يدخل، ساعة كتابة هذه السطور، يومه التاسع حيث يبيت الآلاف في خيام بساحتي رياض الصلح وساحة الشهداء في قلب بيروت، وحيث أقيمت صلاة مشتركة للسنة والشيعة، أمّها إمام سني وشارك فيها عشرات الآلاف من أبناء المذهبين، وحيث يتوقع أن تلتقي المظاهرة الحاشدة بعنفوان الأول من ديسمبر مرة أخرى بعد ظهر الأحد وهذه الجريدة ماثلة للطبع.

وفي رأيي أن الصراع القائم في لبنان والذي يصوره البعض على أنه صراع يفتعله أنصار سوريا وإيران، ويهددون به وحدة لبنان، رغم تعقيدات الصيغة اللبنانية وانقساماتها الطائفية، صراع واضح بسيط، صراع حول الاحتفاظ بلبنان في صف المعسكر المعادي لأمريكا و(إسرائيل) أو في صف النظام العربي الرسمي الواحد التابع لأمريكا والممالئ (لإسرائيل). هو صراع للحفاظ على سلاح المقاومة في مواجهة من يريدون تجريد المقاومة من هذا السلاح. وهو أيضاً صراع حول حق الأغلبية (الأغلبية الفعلية لا البرلمانية المتمترسة في مقاعدها الوزارية) في اختيار مصير لبنان ومساره. ثم إنه صراع من أجل مشاركة مَن دَرَج النظام اللبناني على تهميشهم إلى حد الغياب، أقصد الطائفة الشيعية.

استطاع حزب الله أن ينقل الطائفة الشيعية، الطائفة الأكبر عدداً في لبنان، المقموعة تاريخياً والمظلومة اجتماعياً والغائبة من المشهد اللبناني المعلن كأنها ليست منه، استطاع أن ينقلها من الهامش إلى المتن، وحولهم من جنوبيين فقراء لا يقيم لهم أحد حساباً إلى قوة فاعلة منظمة واثقة في قدراتها، تحمي الوطن وتتحمل عن طيب خاطر التضحية بأبنائها وبيوتها وموارد رزقها من أجل تحريره. إنه إذن صراع اجتماعي أيضاً حول غياب الأفقر أو حضوره في المشهد الوطني، حول الحقوق في أن نكون مرئيين فاعلين في مجتمعنا حاضرين في تشكيل سياساته.

ولقد التقط زياد رحباني هذا الجانب من المشهد وهو يعلق ساخراً على سكان السراي المتمترسين في سلطتهم على بعد أمتار من الجماهير المطالبة برحيلهم، حين أطلق على نائلة معوض الوزيرة في حكومة السنيورة اسم: ماري أنطوانيت معوض.

لا جديد فيما أقوله هنا، فالأرجح أن كثيراً من القراء المتابعين لمجريات الأمور يعرفون هذا الكلام وتفاصيله التي لا يتسع المجال هنا إلا لإجمالها بما لا يخلو من التبسيط. ولكنني أكتب هذا المقال لسببين: أولهما الرد على موقف حكومتنا "السنية" التي نزلت بثقلها كما اعتادت لمساندة النظام العربي المستبد في وجه أي محاولة لإنجاز مكاسب وطنية أو ديمقراطية (وصفت الحكومة المصرية المقاومة بالمغامرة، وها هي تحذر من أن المطالب العادلة للمعارضة واحتشادها يهدد المجتمع اللبناني ويعرضه لحرب أهلية). وعلى عادتها، ضمت حكومتنا صوتها إلى صوت "الولايات المتحدة وانجلترا وفرنسا والسعودية والأردن" لدعم حكومة السنيورة مما دعا السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير إلى أن يطلب من الحكومات العربية عدم التدخل في الشأن اللبناني لنصرة فريق على فريق. أما أنا فأتدخل بالقول على الأقل، في نصرة الفريق الذي يخصني كمواطنة عربية صاحبة مصلحة في ألا يصبح لبنان ساحة أمريكية جديدة، وصاحبة مصلحة في حماية هذه المقاومة التي نصرتني وشدت من أزري، والتي فتحت بانتصاراتها أبواباً للأمل، وقدمت بنضالها الشعبي الديمقراطي نموذجا ً مشرقاً لي ولأمثالي من الطامحين في التخلص من الكابوس الآخر الذي يعكر علينا عيشنا اليومي. أما السبب الثاني فهو رغبتي في الرد على زميل من الكتاب، ارتبط تاريخياً بالمعسكر الوطني وهو من أبرز الأدباء اللبنانيين، إلياس خوري، صاحب رواية باب الشمس، وقد استوقفني وأدهشني ما قاله في مقال له نشر في جريدة القدس اللندنية بتاريخ 7/12/2006 أشار إلياس إلى سؤال يؤرقه "ويؤرق الكثير من اللبنانيين، هو: لماذا تنهار الرموز بسرعة في البلد الصغير، ولماذا تتفكك اللغة السياسية وتتآكل القيم؟ كأن الساحة اللبنانية، كانت مختبر انهيار الرموز والقيم السياسية والثقافية في العالم العربي".

يقول إلياس خوري: ما إن أخذ الرمز الذي جسدته المقاومة الإسلامية في صيف 2006 وعلى رأسها السيد حسن نصر الله يتشكل حتى بدأ في التآكل، وتحول جزءاً من خريطة الزواريب الطائفية اللبنانية.. إن المقاومة في رأيه، تسعى إلى إعادة إدراج لبنان في المحور السوري ـ الإيراني، وهو خطأ أدى إلى تآكل الرمز الذي جسدته كما تسبب في عجزها عن استثمار انجازها العسكري، وغرقها "في وحل الانقسام الطائفي اللبناني".

ما يقوله إلياس خوري، (وغيره من المثقفين اللبنانيين)، يتفق سواء أراد ذلك أو لم يرد، مع دعاوي الفريق الحاكم في لبنان. فريق بدأ هجومه على المقاومة وقائدها ضمناً ثم أعلن الهجوم الصريح قبل الاعتصام وبعده.

يعلن إلياس خوري بثقة "تآكل الرمز"، واقع الأمر فيما أرى، أن الرمز يتسع إذ تواصل المقاومة مهامها المعقدة والصعبة، تربط بين مواجهة العدو الخارجي وحق المهمشين في التمثيل العادل، وهو تمثيل يؤدي غيابه إلى تخريب ما أنجزته المقاومة ويفتح الباب واسعاً أمام الهيمنة الأمريكية والتواطؤ المعلن أو الضمني مع الحكومة "الإسرائيلية" والاندراج في إطار النظام العربي الخانع والتابع والفاسد. ولأن المقاومة تواصل مهامها الصعبة، ولأن السيد حسن يدخل معركته الجديدة، يكشف للناس الحقائق ويصدقْهم القول ويعدهم بالنصر مجدداً فإن سكان السراي يتكالبون عليه ويستشرسون.

أصبح السيد حسن نصر الله في قولهم كاذباً يختلق الوقائع، وأصبح ينفذ ما تمليه عليه سوريا وإيران، وأصبح لا يريد المحكمة الدولية والمعنى الضمني أنه متواطئ مع منفذي قتل الحريري وسلسلة الاغتيالات التي شهدها لبنان، وأصبح مثيراً للفتنة ومهدداً للسلم الأهلي.. إلى آخر هذه الأباطيل التي قد تصيب من تابع مسيرة السيد حسن نصر الله بالذهول على أقل تقدير.

أما أنا فتعود بي ذاكرتي إلى تلك النسجية القديمة التي ترجع إلى القرون الوسطى. نسجية لمخلوق أسطوري أبيض بهيّ أشبه بمُهر، يحيط به الصيادون من كل جانب، الصورة رمز وسيط للسيد المسيح. وتعود بي ذاكرتي إلى الصورة وأنا أحدق في وجه السيد حسن نصر الله في مساره الأشبه بمسار الأنبياء، حضورهم الغالب وسماحتهم ووعدهم وعزمهم، وأيضاً فيما يتعرضون له من ظلم وعدوان.

لم يتآكل الرمز يا إلياس، بل أراه أمام عيني يتعزز ويتعمق ويتوسع.

يكبر الرمز، يطابق أرضه وأهله، يحيط بأوجاعهم وتطلعاتهم وحكايتهم الممتدة في التاريخ وكل غال تحرص عليه رموش عيونهم، بما كان وبما يأملون أن يكون.

١٠ ديسمبر ٢٠٠٦

فن المبالغة... لا يبالغ

علمتني أن جسدي -إذا سمحت له بذلك- قادر على ترجمة أصعب المشاعر وحكي أعقد الحكايات دون النطق بأكثر من كلمة أو اثنين. علمتني كيف أنصت للحركة !
يبدو الأمر سهلاً في بداية الأمر... فقط راقب حركات يدها وتعبيرات وجهها. في بعض الأحيان، ستعطي لخيالك مساحة كافية لترجمة حركاتها كيفما شئت، وفي أحيان أخرى ستجدها تعبر بإصرار ومثابرة، وكأنها تصرخ في وجهك لكي تفهم! فتفرض عليك ما يمليه عليها جسدها بالضبط. ستجد صعوبة في تحديد ما إذا كان العقل هو الذي يحكي الحكاية ويتحكم فيها أم الجسد... وعندما تتدخل الموسيقى والمؤثرات الصوتية، يصبح هذا الجسد –لأنها تطيعه وتسمح له بذلك- عجينة لينة تحركها الأصوات الخارجية كيفما شاءت. تدفعها بعنف تارة، وتراقصها كسنابل القمح تارة. ربما لهذا السبب، انتابتني نوبة هستيرية من الضحك عندما جاء صوت غريب واستجاب له الجسد بتناغم مبالغ فيه! ضحكت لأنه لا حول له ولا قوة – نغمة تجيبه يمين ودقة طبلة تجيبه شمال! وربما لنفس السبب دمعت عيناي عندما شاهدته للمرة الثانية، ففي لحظة ما، غير متوقعة بالمرة، تحول هذا الكائن المضحك ذو القناع الأبيض والتعبيرات المبالغ فيها، إلى إنسان مثلي ومثلك، مستضعف مغلوب على أمره، يتحكم فيه العالم الخارجي رغماً عنه.. وهنا عدت للضحك! ضحكت منه وعليه بمرارة تشوبها ألفة مقلقة... نخاف دائماً ممن يشبهوننا، وكأن مصيرنا في أيديهم...

"سكويك" يا صديقي، كيف أنصحك بألا تكتم الألم وأنت سيد التعبير؟ كيف أسألك عن هويتك وأنت تتحدث لغة الجميع؟ وكيف أحدثك أنا عن القوة والصمود وأنت من حافظت على عفويتك وطفولتك وصفائك في ظل كل هذه الحروب؟
"سكويك" يا ضمير لا محل له – حسب تعبيرك – ، كلنا منك.. بس انت أشطر علشان بتعرف تعبّر.
__________
* إقرأ المزيد عن "سكويك" هنا وهنا