١٩ أبريل ٢٠٠٦

* قِزاز.. لكن زي المراية

رأيناها من على بعد تلوح بيديها في الهواء كالغرقى من خلف حاجزٍ زجاجيٍ هائل. كالسيوف قطعت يداها حديثنا البهيج. كنا نمرح ونلهو ونتبادل نكات حفظناها وتناسيناها.. حفاظاً على أمزجتنا من كدر الحياة. كنا سائرين متشابكي الأيدي متناسقي الألوان... لا تبدو علينا غربة ولا أحزان. ففي كل صباح ننهض من فراشنا، نخلع عن أجسادنا الكوابيس ونكسوها بأقطان وحرائر ناعمة ونبدأ معا – كل على حدة – رحلة فقدان الذات اليومية. لا صعوبة فيها.. فكل الطرق ممَهَّدة وجميعها تؤدي إلى روما.. أو إلى النادي... أو المقهى الأمريكي.. أو الفيلم الأمريكي.. أو الحلم الأمريكي. وما أهمية الطريق أو المكان المقصود على كل حال؟! المهم الصحبة! المهم الضحك والمرح والنسيان!

كيف جرؤَت تلك الحمقاء إذا أن تلوح بيديها هكذا قاطعة خيوط أفكارهم؟ كيف اعتقدت أنهم سيستجيبون؟ ألم تكن تعلم أن الأشياء تبدو أقرب حين نراها من خلف الزجاج؟ ألم تدرك بفراستها وذكائها ومحاولاتها عبر السنين أن نداءها غير مسموع وأنه لم تعد هناك أرواح في أجسادهم الناعمة لتستجيب؟

مررنا من أمام السور الزجاجي ولوحنا بأيدينا مبتسمين. حاولنا! حقاً حاولنا، لكنها لم تضحك على نكاتنا ولم تسمع أغانينا. تسمرت في مكانها وبدأت عيناها في التحول إلى كرات زجاجية .. ومن عينيها إلى وجهها ثم عنقها ثم صدرها، في ثوانٍ أصبح جسدها كله تمثالاً من الزجاج الشفاف، امتزج بالحاجز الزجاجي الذي يعزلها عنا.. فلم نعد نراها.

تنفسنا الصعداء وذهبنا آمنين مبتهجين... لا تبدو علينا غربة ولا أحزان.


___________________
* العنوان مقتبس من قصيدة فؤاد حداد "الفن مملكة"

هناك ٢٥ تعليقًا:

حـدوتـة يقول...

آي يا سامية :(

عبد الحق يقول...

فعلا قزاز لكن زى المراية

نص جميل جدا ياسامية

Unknown يقول...

قزاز لكن زي المراية
بيشف ويصف
لكن برضه عنينا عميانة
تسلمى يا سمسمة

غير معرف يقول...

إيه الحلاوة دي يا سمسمة؟ القصة بديعة فعلاً.بس بتوجع أوي.
إحنا حنقطع على بعض والا إيه؟
إستمري. ربنا يديم علينا توهج بداية الربيع!

19/4/06 16:48

Nour يقول...

الله الله الله يا سامية

رائعة بجد

سامية جاهين يقول...

ياااه يا عبد الحق! تعليقك عندي بالدنيا! إنت عارف قد إيه أنا بأقدر رأيك وعارفة إنك ما بتقولش حاجة إلا لما تكون بتعنيها بجد. وكون إنك تقول على حاجة أنا كتبتها "نص جميل" و"جداً" كمان! دي عندي كبيرة قوي. ربنا يسعدك زي ما أسعدتني النهارده

رحاب: معلش انت عارفةانا نكدية من
يومي

يا حسام يا عزيز عيني... نقطع على بعض إيه بس! ودي تيجي فين جنب لغتك الجميلة وحواديتك اللي ما يتشبعش منها؟

جيرونيمو ونور.. تسلمولي وما اتحرمش من تشجيعكم أبداً

أسعدتوني بجد!

shady يقول...

طوب بيتفرج من ورا القزاز
طوب

ماشى الطريق يقول...

مش قادر أقولك البوست ده عاجبنى أد أيه
أنا دى المرة الرابعة اللى أخش أقراه
فقولت لازم أسيبلك كومنت و أقولك
أيه الحلاوة دى

قبل الطوفان يقول...

يوماً ما سندرك أن المرايا سيوف تخترقنا.. لتصف حقيقة ما بداخلنا من دون رتوش
لا أدري لماذا تذكرت في نصك أسطورة ميدوزا في ثقافة الإغريق.. تلك التي كان كل من ينظر إلى وجهها يتحول إلى حجر ..وكان برسيوس استطاع قطع رأسها لما نظر الى صورة انعكاسها في درع آثينا
لعنة أن نرى.. أشد وطأة في بعض الأحيان من نعمة أن نتكلم
أحسنت

Solo يقول...

فعلاً ... آى يا سامية

She يقول...

بجد بجد حلوه قوي وتوجع جدااا

karakib يقول...

helwa :D lol

Pianist يقول...

:))

Guevara يقول...

شعرت ُ فراغا ً ثقيلاً يحتل مساحة صدري بعد القراءة

نص قوي فعلا ً

سامية جاهين يقول...

والله مش عارفة أقول إيه... أولا أنا آسفة جدا على التأخير في الرد. مش شاغلني عنكم غير شغل المهرجان

يا رؤية تعليقك ده المفروض آخده أبروزه واعلقه على الحيطة زي شهادات التقدير كده... لن تتخيلي أبدا مدى سعادتي بتعليقك... فعلا مش عارفة أعبر

ماشي الطريق: أربع مرات!؟ يا خبر ابيض! أنا كده ح اتغر بقى! نوّرتني
:)

ياسر: "لعنة أن نرى.. أشد وطأة في بعض الأحيان من نعمة أن نتكلم". صدقت يا عزيزي

سولو وجيفارا... ما اقدرش اعتذر عن الوجع لإنه مقصود مع سبق الإصرار والترصد! أشكركم على التواصل

بيانست: أفهم منها إيه بقى الابتسامة اللئيمة دي؟؟
:))
على العموم انت تبتسم براحتك! كفاية انك بتطل علينا

شادي: كله قزاز في قزاز يا زعيم! أو طوب في طوب.. مش فارقة كتير

شيماء وكراكيب وكل الناس اللي أول مرة تشرفني وكل الناس اللي دايما بتشجعني.. ما اتحرمش منكم أبدا وأرجو ألا أخذلكم أبدا

manosh يقول...

اللي انتي بتقدميه فن راقي جداً وعندك حق الناس عميانة عن انها تشوف نفسها
ولا حد عارف ان القزاز هو نفسه المرايا

Amira Hassan يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
Bahz.Baih يقول...

محاوله صائبه جت فى القلب ووجعته
حلوه قوى قوى يا ساميه ليكى حق تتغرى بكتاباتك و نقول اجنا ياريت نكتب زيها

خوكى الصغنن بهظ بيه

سامية جاهين يقول...

أهلاااااااا بهظ! والله ليك وحشة كبيرة جداً ومش حايشني عن اسكندرية وأهل اسكندرية الحلوين إلا الشديد القوي قوي!... نوَّرتني وأسعدتني

سامية جاهين يقول...

هلاوس.. أهلا وسهلا بيك وربنا يجعل لنا كلنا في كل خطوة مراية

7ader يقول...

ساعات كتير قصص صغيره تعبر عن واقع كبير حوالينا ،يزيدني شرف التعرف بيكوا

شايفنكم يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
Kareem Alkaseer يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
محمود عزت يقول...

((نخلع عن أجسادنا الكوابيس ونكسوها بأقطان وحرائر ناعمة ونبدأ معا – كل على حدة – رحلة فقدان الذات اليومية. لا صعوبة فيها.. فكل الطرق ممَهَّدة وجميعها تؤدي إلى روما.. أو إلى النادي... أو المقهى الأمريكي.. أو الفيلم الأمريكي.. أو الحلم الأمريكي.))


جميل و موجع ,

سامية جاهين يقول...

زار: أهلا وسهلا بيك وشكرا على الإطراء
:)

محمود! ليك وحشة والله! دايما انت كده تختار الجملة الصح!؟ لعلمك -والله شاهد على ما أقول- الجملة دي بالذات كنت خايفة منها وكنت عايزة أشيلها خوفاً من إنها في الآخر تكون بتخرج الواحد عن السياق. وبعدين قلت لنفسي وماله "هو الكلام يتقاس بالمسطرة؟"

شكرا للتواصل ومنوّرني يا محمود