١١ أكتوبر ٢٠٠٥

وداد


بمجرد أن رأيت العلبة القطيفة الحمراء في يدها بدأت دقات قلبي تتسارع. لم أكن قد رأيت هذه العلبة من قبل و لا الخاتم الذي كان بداخلها والذي نقشت عليه الحروف الأولى لاسم جدتي التي ماتت قبل ولادتي بشهور. بدأت الدموع تتصاعد من داخلي في بطء يسمح لي بتوقع انهمارها.

كل ذلك حدث قبل أن تنطق السيدة بكلمة واحدة. لم تكن قد شرحت لي بعد أن هذا الخاتم كان لجدتي وأنها قد أعطته لها منذ زمن بعيد. ولم تكن قد أضافت بحنو قاتل و عيناها تبرقان بدموع متكبرة أنها تريد أن تمنحني هذا الخاتم بمناسبة بلوغها السبعين وأنها ترى أنني الأحق بالاحتفاظ به.

لأول مرة في حياتي أعرف المعنى الحقيقي لاختلاط دموع الفرحة بالحزن، كأنما اشتعلت كل أحاسيسي و انصهرت و امتزجت بفعل حرارة هذه اللحظة. لحظة تجسد فيها الماضي والحاضر في روح واحدة، و اختلط وجه تلك المرأة العجوز الجميلة بوجه جدتي الذي طالما رأيته في الصور يحدق في كأنما يعرفني ولا يعرفني.

تذكرت حوار دار بيني وبين حبيبي حين سألته ذات يوم محاولة أن أقطع الشك باليقين
:
- ماذا يحدث عند الموت؟
- ... ينطفئ النور
- هكذا؟... ثم لا شيء؟
- ثم لا شيء

هكذا الحقيقة دائما... مثل الماء الذي يُسكب فوق نيران الأحلام فيطفئها.
كل لحظة تحمل ماضيها فيها وكل شيء فانو من السذاجة أن أعتقد أن جدتي الأسطورية الجميلة، التي حفظت قصة حياتها عن ظهر قلب دون أن أعرف عنها في الحقيقة شيئا، كانت حاضرة بشكل ما في هذه اللحظة التي رأيت فيها الخاتم...

فلماذا بكيت؟

-----------------------------------

إهداء إلى وداد متري

2001

*أول محاولة باللغة العربية

هناك ٣ تعليقات:

حـدوتـة يقول...

كل لحظة تحمل ماضيها فيها...فعلاً

حلوة يا سامية

hesterua يقول...

جميلة جدا
والشجن اللى فيها ممتع
لأ جميلة

غير معرف يقول...

ماذا يحدث عند الموت؟
- ... ينطفئ النور
- هكذا؟... ثم لا شيء؟
- ثم لا شيء



إلهي
لا تتركني تحت بالأسفل
أضئ لي مصباحك
و حدثني
لا أجزع من الوحدة


الله يا سامية