١٢ أكتوبر ٢٠٠٥

إلى أسفل

يصعد اللبلاب من عمق البحيرة ويلتف حول ساقيَّ العاريتين. يحكم قبضته عليهما ويجذبني في بطء وثبات وقوة إلى أسفل.

***

ما اسم هذا الكوبري الذي أحبه؟ هذا الكوبري القصير الذي يبدو مائلاً ومنبعجاً قليلاً ويصل الدقي بجزيرة الزمالك من أمام فندق شيرتون... دائما أنسى اسمه.

- كوبري الجلاء

***

صديقاتي الخمس تدخِّن بشراهة داخل السيارة والشبابيك مغلقة لشدة البرد. الدخان يحجب الرؤية.

تنعطف بنا السيارة إلى اليسار بعد كوبري الجلاء فنجد أنفسنا في حارة ضيقة من حواري القدس. تدل البيوت على جانبي الحارة الترابية على فقر أهلها، وعلى الأرض نرى نساءً وأطفالاً معظمهم بنات والجميع مكبلو الأيدي. بعض البنات بُتِرت أرجلهن ووُضعت بجانبهن وهي مازالت تنزف. الجنود في وضع استعداد والبنادق مصوبة على وجوه المحاصرين. لا أحد يبكي أو يستغيث أو ينطق بكلمة.

من خلف زجاج السيارة وشبورة الدخان رأيت رجلاً ممسكا بساقي ابنته... ينفجر صارخا كسَهْم في قلب الصمت:

- حرام عليكم! كفاية بقى!!!

تعبُرُه السيارة وبمجرد أن تركناه وراءنا.. انطلقت أول رصاصة. خطفت نظرة سريعة إلى الوراء لأجد الرجل ممدداً على الأرض حاضناً ساقي ابنته وقد امتزجت دماؤها بدمائه.

هنا انطلقت السيارة بسرعة وخلفنا قافلة من الدبابات ...

***

في حوش منزل واسع نجلس مع نساء أخريات ويحاصرنا الصمت من كل الجوانب.

تصرخ واحدة:

- حرام عليكم! كفاية بقى!!!

تكممها أخرى بيدها.

ويصعد اللبلاب من عمق روحي ويلتف حول قلبي العاري... يحكم قبضته عليه ... يجذبني معه في بطء وثبات وقوة إلى أسفل...

هناك ٧ تعليقات:

hesterua يقول...

هى دى الذاتية اللى بيقولوا عليهل صح؟
جميلة
لدرجة انى مش عارف اتخلص من اللبلاب اللى وصل عندى

سامية جاهين يقول...

سعيدة إنها عجبتك و "وصلتلك" يا أحمد بس بسراحة أنا ما فهمتش قصدك إيه بالذاتية...

hesterua يقول...

هو كلمة الذاتية لقطتها من كاتب صاحبى هو دارس
قال لى الذاتية يعنى انتى هيرو
وهى النيو ويف
يعنى الكلام فى المطلق عن النفس
وانا على قد فهمى المتواضع فهمتها كده
على العموم كتابتك جميلة فعلا
اهم حاجة انك بتطلعى اللى جواكى على الورق
وكل سنة وانتى طيبة

سامية جاهين يقول...

هو غالبا يا إما انت فهمته غلط يا إما هو ماعرفش يفهمك قصده... ما أعتقدش ان "الذاتية" ليها أي علاقة بالأنتي هيرو أو النيو ويف - إللي هو ما اكدبش عليك ماعرفش عنه أي حاجة

أما عن القصة فأنا مش معتبراها خالص كلام في المطلق عن النفس. أنا كنت بحاول أرسم مشهدأو كابوس بنعيشه كل يوم من غير ما نكون جزء منه وبنتعامل معاه كإنه مش موجود.. لكن في النهاية الراوي بيتسحب لداخل المشهد غصب عنه.(يمكن اكون ما نجحتش في توصيل ده)

هنا فعلا فيه بطل مهزوم (أنتي هيرو) بس لا أعتقد إن ده بيسموه "ذاتية" في الكتابة

وبيني وبينك أهي كلها يفط وتصنيفات وعناوين.. المهم ان القصة تتكتب وتوصل لمن يقرأها. تطلع بقى ذاتية، مهلبية.. مش مهم :)

كل سنة وانت طيب

مـهـا يقول...

لأ يا ساميه..الإحساس الكابوسي اللي انتي مغلفة بيه قصتك دي واصل جداً.. و رغم الصمت اللي الواحد ممكن يوقع فيه بعد قراءة قصة فيها صور صادمة كده، ورغم انني أعتقد أن الصمت هو رد الفعل الحتمي لحالة الموت البطئ اللي موجودةهنا.. بس ده صمت خارجي فقط، لأن قصصك دايماً بتحطني في حته مليانه شجن و مليانه تساؤلات

أوعي تبطلي كتابة :)

سامية جاهين يقول...

أنا ارتكبت خطأ إملائي يعاقب عليه القانون في تعليقي الأول على كلامك يا أحمد وما خدتش بالي منه غير دلوقتي: " بس بسراحة أنا ما فهمتش قصدك إيه بالذاتية" أكييييد بصراحة بالصاد مش بالسين. أعتذر عن هذا الخطأ وعن أي أخطاء أخرى لم ألحظها

مها: كلامك يفتح النفس

hesterua يقول...

زى ما بيقولوا بتوع الأيام دى
(قال يعنى انا جاى من القرن الماضى)
كبرى دماغك وعديها الناس لبعضيها وكده

على العموم شكر يا سمسمة