"بيت"
كانت لعبة غريبة قوي!
عمري ما شفت حد بيلعبها غير في حتتنا. مش عارفة احنا اللي اخترعناها ولا كانت موجودة من زمان واحنا ما نعرفش.. ومش عارفة مين اللي سمّاها ’بيت‘.
الرسمة بتاعتها تشبه الحَجْلة (الأولى) بس مختلفة عنها شوية، خصوصاً في طريقة اللعب: أول واحد في الدور يحجل جوه المربعات لغاية ما يوصل لآخر مربع، ويفضل واقف مكانه على رجل واحدة لغاية ما ييجي اللي بعديه يقف في المربع اللي وراه ويمد له إيده عشان يتسندوا على بعض، وهكذا... يفضل واحد ورا التاني يحجل ويقف في مربع لغاية ما البيت يتملي ونبقى كلنا واقفين على رجل واحدة وكل واحد ماسك إيد اللي قدامه من ناحية واللي وراه من ناحية. ومهما كان عددنا، كان البيت بيساع الكل. الفكرة ببساطة هي اننا نفضل محافظين على توازننا وما نسيبش إيدين بعض. وهنا المشكلة: لو واحد مننا بس اختل توازنه حتنتقل عدوى فقدان التوازن دي من إيد للتانية زي الكهربا ونقع كلنا ونتكربس فوق بعض وينهار ’البيت‘!
وهي دي اللحظة اللي كنا بنستناها؛ إننا نشوف نفسنا واحنا بنقع واحد ورا التاني.. واحد فوق التاني، لغاية ما نعمل ’حطام بيت‘ على الأرض لسه بترن فيه توابع الضحكات.
نقع ونضحك على نفسنا، ونقوم ونضحك على بعض ونبني بيت تاني آيل للسقوط من قبل ما يتبني.
"شارع"
يومها وصلت المدرسة بدري كالعادة.
كان باب المدرسة لسه مقفول وأصحابي لسه ما وصلوش. قعدت على رصيف الشارع أتفرج على غطيان الكازوزة المدفونة في الأسفلت. سرحت كالعادة. وتخيلت الغطيان دي بنت صغيرة بضفيرتين وغمّازة مرسومة على الأرض قدامي. قعدت تكلمني بصوت حماسي عالي جداً عن الشارع بكل تفاصيله وتاريخ كل غطا قزازة فيه: "الغطا ده رماه مدرس العربي الجديد – اللي انت بتحبيه!... رماه وداس عليه فانغرس هنا على قورتي. والخمس غطيان دول اللي باكلمك منهم، دول جمعتهم بنفسي! طول الأسبوع اللي فات كان ييجي الواد الحليوة بتاع اتحاد الطلبة يشرب قزازة حاجة ساقعة بعد المدرسة، وكنت استنى لغاية ما يمشي وآخذ الغطا أغرسه هنا.. لغاية ما اكتملت البسمة." وحكت لي عن الغمازة والضفاير ورموشها الطويلة... ولما سألتها عن الخط اللي مرسوم على خدها وبيلمع زي اللولي، تجاهلت سؤالي وقالت لي "تيجي نلعب ’بيت‘؟".
قمت لعبت معاها وقعدنا نتنطط ونتخيل معانا ولاد تانيين بنتسند عليهم ويتسندوا علينا. وانا سرحت.. كالعادة.
وقبل ما افوق لقيت في وشي عربية جميلة حولت كل شيء حواليّ لسحابة بيضا كبيرة. يدوبك ثواني وراحت السحابة ولقيتني متكتفة بالأسفلت من كل ناحية، باتآنس ببرودته، وبيزغزغني شيء معدني فيه زي ما يكون بيعوم تحت جلدي.
بصيت لفوق لقيت النجوم كتيرة. سرحت... وتخيلتها بنت صغيرة قاعدة على الرصيف مستنّية صحابها عشان تحكيلهم عن صاحبتها الجديدة اللي نايمة في الأسفلت وبتحكي بصوت حماسي مبالغ فيه... عن حواديت ملخبطة وبردانة زي غطيان القزايز وحطام البيوت القديمة.
← | ↓ |
↑ | ↓ |
↑ | ↓ |
↑ البداية | ● النهاية |
كانت لعبة غريبة قوي!
عمري ما شفت حد بيلعبها غير في حتتنا. مش عارفة احنا اللي اخترعناها ولا كانت موجودة من زمان واحنا ما نعرفش.. ومش عارفة مين اللي سمّاها ’بيت‘.
الرسمة بتاعتها تشبه الحَجْلة (الأولى) بس مختلفة عنها شوية، خصوصاً في طريقة اللعب: أول واحد في الدور يحجل جوه المربعات لغاية ما يوصل لآخر مربع، ويفضل واقف مكانه على رجل واحدة لغاية ما ييجي اللي بعديه يقف في المربع اللي وراه ويمد له إيده عشان يتسندوا على بعض، وهكذا... يفضل واحد ورا التاني يحجل ويقف في مربع لغاية ما البيت يتملي ونبقى كلنا واقفين على رجل واحدة وكل واحد ماسك إيد اللي قدامه من ناحية واللي وراه من ناحية. ومهما كان عددنا، كان البيت بيساع الكل. الفكرة ببساطة هي اننا نفضل محافظين على توازننا وما نسيبش إيدين بعض. وهنا المشكلة: لو واحد مننا بس اختل توازنه حتنتقل عدوى فقدان التوازن دي من إيد للتانية زي الكهربا ونقع كلنا ونتكربس فوق بعض وينهار ’البيت‘!
وهي دي اللحظة اللي كنا بنستناها؛ إننا نشوف نفسنا واحنا بنقع واحد ورا التاني.. واحد فوق التاني، لغاية ما نعمل ’حطام بيت‘ على الأرض لسه بترن فيه توابع الضحكات.
نقع ونضحك على نفسنا، ونقوم ونضحك على بعض ونبني بيت تاني آيل للسقوط من قبل ما يتبني.
"شارع"
يومها وصلت المدرسة بدري كالعادة.
كان باب المدرسة لسه مقفول وأصحابي لسه ما وصلوش. قعدت على رصيف الشارع أتفرج على غطيان الكازوزة المدفونة في الأسفلت. سرحت كالعادة. وتخيلت الغطيان دي بنت صغيرة بضفيرتين وغمّازة مرسومة على الأرض قدامي. قعدت تكلمني بصوت حماسي عالي جداً عن الشارع بكل تفاصيله وتاريخ كل غطا قزازة فيه: "الغطا ده رماه مدرس العربي الجديد – اللي انت بتحبيه!... رماه وداس عليه فانغرس هنا على قورتي. والخمس غطيان دول اللي باكلمك منهم، دول جمعتهم بنفسي! طول الأسبوع اللي فات كان ييجي الواد الحليوة بتاع اتحاد الطلبة يشرب قزازة حاجة ساقعة بعد المدرسة، وكنت استنى لغاية ما يمشي وآخذ الغطا أغرسه هنا.. لغاية ما اكتملت البسمة." وحكت لي عن الغمازة والضفاير ورموشها الطويلة... ولما سألتها عن الخط اللي مرسوم على خدها وبيلمع زي اللولي، تجاهلت سؤالي وقالت لي "تيجي نلعب ’بيت‘؟".
قمت لعبت معاها وقعدنا نتنطط ونتخيل معانا ولاد تانيين بنتسند عليهم ويتسندوا علينا. وانا سرحت.. كالعادة.
وقبل ما افوق لقيت في وشي عربية جميلة حولت كل شيء حواليّ لسحابة بيضا كبيرة. يدوبك ثواني وراحت السحابة ولقيتني متكتفة بالأسفلت من كل ناحية، باتآنس ببرودته، وبيزغزغني شيء معدني فيه زي ما يكون بيعوم تحت جلدي.
بصيت لفوق لقيت النجوم كتيرة. سرحت... وتخيلتها بنت صغيرة قاعدة على الرصيف مستنّية صحابها عشان تحكيلهم عن صاحبتها الجديدة اللي نايمة في الأسفلت وبتحكي بصوت حماسي مبالغ فيه... عن حواديت ملخبطة وبردانة زي غطيان القزايز وحطام البيوت القديمة.