من أسبوعين والدنيا قامت وما قعدتش. كل ما أقابل حد يقول لي: أكرم خان وعرضه العبقري " ما " في الأوبرا يوم 11 و 12 ديسمبر. وكان آخر تلك المواقف عندما ذكَّرنا مدير المجلس الثقافي البريطاني في اجتماع معه بأهمية حضور هذا العرض: "إنه من أهم العروض التي قدمت في بريطاني خلال العشر سنوات الماضية!"
أنا قلت طبعا مش ح أفوِته!
وانا قاعدة في الربع ساعة الأولى من العرض باحاول أكتم الضحك وأكدّب نفسي وأفهم أي حاجة من اللي بيحصل ع المسرح إكتشفت اكتشاف بدا لي عبقري في تلك اللحظة: أكيد ربنا لما قعد يفكر في أشد طرق عقاب الإنسان وضع على رأس القائمة "الضحك". ما هو أكيد ربنا كان بيعاقبني على حاجة منيلة عملتها عشان يخليني أضحك كل الضحك الهستيري ده وبالصوت العالي ده، بينما القاعة كلها هُس هُس في لحظة من العرض المفروض انها تكون مؤثرة!
تخيلت الضحك شيطان جبار لا يُقهر ماسكني وعمال يزغزغ فيّ بعنف مؤلم! ومش بس كده .. ده شيطان معدي بيتنطط من شخص لشخص برشاقة الراقصين اللي على المسرح ويخليك مش عارف تلوم مين على استمرار هذا الموقف المحرج. أنا أجمع قواي كلها وأغمض عينيَ وأسِد ودني وأفكر كل الأفكار الوحشة اللي في الدنيا عشان أسكت وأبطل ضحك وأول ما أسكت ألاقي عمرو راح منفجر على يميني ورحاب بتفتعل الكحّة على شمالي وأقارب وأصدقاء في آخر الصف ح يموتوا فطيس من كتر كتم الضحك.
ما حدش يحاول يقنعني إن فيه حاجة في الدنيا محرجة أكتر من إن الواحد يضحك على حاجة المفروض ما تضحكش بينما كل الناس منصتين في خشوع سواء في عزاء أحد الأقارب أو في عرض راقص غير مفهوم. هيَّ لحظة واحدة بس.. لحظة ما تحس بغليان الضحك المكتوم يتصاعد بداخل مَن يجلس بجانبك أو عينك تيجي سريعا في عين حد من اللي - ياعيني زيّك - مبليين بهذا المرض اللعين. ساعتها إبقى قابلني لو عرفت تسيطر على نفسك. هي دي لحظة فقدان السيطرة التام اللي بيتحول فيه جسدك بأكمله إلى قرون استشعار تشم ريحة الضحك من على أي بعد.. حتى لو كان لسه مكتوم جوّه شخص قاعد بعيد عنك. ح تحس بيه وح تنفجر وتفجره معاك.
سيبنا بقى من كل ده ، أتكلم شوية عن العرض اللي مكسر الدنيا في انجلترا وأوربا. كل اللي أقدر أقوله –على رأي رحاب- إنه كان فيه شجرة! فكرني بقصة الإمبراطور اللي مشي في الشارع عريان وفاكر نفسه لابس ملابس جميلة ما يشوفهاش غير الناس الكويسين وطلع في الآخر مضحوك عليه ولا هو لابس حاجة ولا الناس شايفة حاجة وكله بيمثل على كله عشان ميطلعش "وحش".
العرض ممل جدا ومافيهوش أي حاجة جديدة ورتابته وطوله يجيبوا صداع. الراقصين بارعين والإضاءة عبقرية وكل جانب من جوانب العرض حلو جدا لوحده لكن كله على بعضه ما يدخلش ذمتي بنكلة. رقص حديث على عيني وعلى راسي بس يبقى له معنى! بلاش معنى.. يبقى فيه أي حاجة تخليني أستمتع بيه.. مش أسقف عشان الناس بتسقف وخلاص.
وسمعني بصوت نبيلة السيد في خلِّي بالك من زوزو "ع البساطة البساااطة.. يا عيني ع الباااساااطة.. أهْ! أهْ! أهْ!"