٢٦ ديسمبر ٢٠٠٤

نغمات جنون

لم أذهب من قبل إلى أمريكا - ولا أرغب في الذهاب - لكني أرى نفسي متربعة في أحد أركان مترو الأنفاق بمدينة أمريكية قبيحة.

شعري متجعد وهائش وملابسي الرثة شديدة الاتساخ بالكاد تغطي جسدي الذي ذبل من قسوة البرد في تلك البلاد. أغني بصوت عال لكنه مجروح وبه بحة من تذوق معظم أنواع النبيذ و ألهبت صدره جميع أنواع التبغ. تخرج من فمي نغمات واثقة جميلة – ونشاز في بعض الأحيان –يترك لي أحد المارة دولاراً تحت قدميّ فألعنه وآخر يقف قليلاً ويستمع إلي ثم يبتسم فأنهض لكي أحتضنه وأقبله وأشكره فيفر مسرعاً خائفاً.

هكذا تمر الأيام بين صراخ وسباب وحنين وعذوبة، تماماً كالنغمات التي أغنيها، بعضها عذب رقيق والبعض الآخر يكاد يشبه نباح الكلاب.

تدندن أمي بأغنية ما فتهرب الصورة من خيالي. حتي الصورة لا ترغب في البقاء! لا أريد أن أسمع صوت أمي! ولا صوت أبي الذي يقفز في أذني كل حين فجأة بدون استئذان ويعاندني حينما أبحث عنه في ذاكرتي في أوقات احتياجي له!

ألهذا السبب ابتعدت عن هذا العالم وتركت لعقلي العنان ليتشبع بتلك الصورة الكئيبة؟ أتكون هذه نهايتي؟ أضغط على يد حبيبي بشدة مدركة أنني أؤلمه ولكني لا أقوى على ترك يده التي طالما انتشلتني من أمواج جنوني، يده التي لولاها لفقدت عقلي وقلبي معاً.

غثيان مفاجئ يقطع تداعي أفكاري مرة أخرى. ترى ما سببه؟ اهتزاز السيارة أم تلك الأفكار الملوثة التي لم أنجح بعد في تنقيتها؟ أم أنه صوت أمي أو أبي مجدداً؟ أو من يدري ... ربما السبب هو نقطة نور تشتعل في قلبي أو تتكون في أحشائي لتشبه أباها الوسيم.

٢٢ ديسمبر ٢٠٠٤

إتنين


اتنيـــن و لا قبلنـــا
ولا بعــد منــا اتنيـن
فيـن زى حـبـى أنـا
وزى حـــبك فـيــن
اتـنـين ولا قبــلــنا
ولا بــعد منــا اتنـين

اتنـين روحيـن هيمانين
قلبـيـن وشقــايــق
تفـوت علـينـا السنين
و كـأنـهـا دقــايـق
لايـق عليـنـا الـهنـا
و كـأنـه تـوب عـايق
ولا فى القصـص و الغنا
فيـه زينـا حبـيبيــن
اتـنـين ولا قبـلنـــا
ولا بعــد منــا اتـنين

قـالوا ما فيـش الهـوى
لكن احنـا قـلنا: فـيـه
يا نـاس شوفـونـا سـوا
راح تعـــرفوا معـانـيه
الـحـب ده ســرنـــا
لــكن ولا نـخبـيـــه
أهــه أهــه حبنـــا
لا نخــاف حسد ولا عين

اتنيـــن و لا قبلنـــا
ولا بعــد منــا اتنيـن
_________________
صلاح جاهين